“الفكرة ليست جديدة والعديد من النساء عملن بهذه المهنة سابقا وخاصة داخل المدينة، وها أنا أعود مجدداً للعمل بها من أجل تغطية تكاليف المعيشة الباهظة وتوفير مبالغ مالية قد تساعدنا في المستقبل على الخروج من المنطقة”.
بهذه الكلمات، وصفت الحاجة “أم علي” الأسباب الحقيقية التي دفعتها للتفكير بالعمل في إعداد وتجهيز الطعام للولائم والعزائم الخاصة والعامة في ريف ديرالزور الشرقي، والتي استطاعت مع مرور الوقت كسب العديد من الزبائن وبالذات فيما يخص الوجبات الكبيرة، ما دفعها هي الأخرى للتفكير في توظيف المزيد من النسوة للعمل معها مقابل أجر مالي.
وقالت الحاجة “أم علي” في حديثها مع مراسل SY24: ” لم أكن أفكر أنني سأقوم بالعمل بهذه المهنة أبداً، ولكن الظروف المعيشية الصعبة التي نعاني منها دفعتني في البداية لإعداد وجبات صغيرة تكفي لعشرة أشخاص داخل منزلي مقابل مبالغ مالية زهيدة، ولكن بعد أن تذوق الأهالي طعامي أصبح لدي زبائن دائمين يعتمدون علي بشكل مباشر في تجهيز الوجبات الخاصة بالحفلات والمناسبات في المنطقة”.
وأضافت أن “الوجبات التي أعدها هي الكبسة والمندي ومناسف اللحم وغيرها من الأطعمة التقليدية الخاصة بالمنطقة، وذلك بعد أن يتم إرسال مبلغ معين من المال أقوم بشراء كافة المستلزمات الأساسية للوليمة لأبدأ بعدها بالطبخ أنا وعدد من النساء اللاتي يعملن معي في المنزل، بهدف تسليمها في الموعد المحدد لأحصل بعدها على بقية حسابي”.
وتابعت:” أغلب هذه الوجبات تذهب للمناسبات الخاصة بالزواج أو المصالحات بين العشائر كونها تتطلب كميات كبيرة من الطعام تصل أحياناً إلى أكثر من 50 خروف، تدفع اصحاب العزومة لتوظيف عدد كبير من النساء بجانبنا للعمل من أجل إنهاء تلك الوجبات بسرعة، بالإضافة إلى عملي في إعداد الطعام للولائم الصغيرة في المناسبات الخاصة، وهو ما ساعدني كثيراً في تخفيف العبء عن عائلتي ومساعدتهم في تأمين تكاليف المعيشة الصعبة”.
مراسل منصة SY24 في ريف ديرالزور أشار إلى تعرض النساء اللاتي يعملن في طهي الوجبات الكبيرة الخاصة بالولائم الى “صعوبات عديدة أبرزها تأمين غاز الطبخ أو الحطب و المحروقات وغلاء ثمنها، بالإضافة إلى صعوبة تأمين بعض أنواع التوابل القادمة من خارج المنطقة، ما اضطرهم في بعض الأحيان إلى رفع قيمة وجباتهم بسبب ارتفاع تكاليف إعدادها”.
وكانت العديد من نساء وفتيات ريف ديرالزور، الخاضع لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” قد اتجهن لسوق العمل مؤخراً في محاولة منهم مساعدة عائلاتهم على تغطية تكاليف المعيشة المتزايدة، في ظل ارتفاع أسعار جميع المواد والسلع التجارية والغذائية وغياب فرص العمل الحقيقية لشباب المنطقة، بالإضافة إلى استمرار تدهور قيمة الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي وتجاوزها حاجز الـ 13 ألف ليرة، ما انعكس سلباً على الوضع الاقتصادي والمعيشي في المنطقة.