بعد إعلان مديرية الصحة في مدينة ديرالزور عن رفع أسعار الدواء بنسبة 50% زادت معاناة الأهالي في توفير الأدوية الضرورية لهم وخاصة تلك المتعلقة بالضغط والسكر والقلب، والتي فقدت من السوق بشكل شبه كامل بعد قيام أصحاب المستودعات الدوائية بتخزينها واحتكارها بغرض بيعها لاحقاً بأسعار مضاعفة وتحقيق مكاسب مالية أكبر.
فقدان الدواء وغلاء ثمنه دفع معظم سكان المدينة للاتجاه نحو استخدام الأعشاب الطبيعية أو ما يعرف في المنطقة باسم “طب العرب” للتداوي بدلاً عن الأدوية والمستحضرات الكيميائية الباهظة الثمن، والتي لم يعد معظم السكان قادرين على تحمل ثمنها بسبب تدني مستوى الدخل بالنسبة لهم وانعدام فرص العمل الحقيقية وارتفاع معدل البطالة ناهيك عن الفساد والمحسوبية في جميع المؤسسات الرسمية.
مراسل منصة SY24 في ديرالزور قال إن تجارة الأعشاب الطبية انتعشت خلال الأشهر الأولى من العام من الجاري مع اتجاه الأهالي لاستخدامها في معالجة أنفسهم من بعض الأمراض السارية مثل الزكام والكريب وآلام البطن والرأس وغيرها من الأمراض، بالإضافة إلى استخدامها كنوع من المسكنات والمهدئات للعديد من الإصابات والحروق والكسور وغيرها من الاستخدامات اليومية.
المراسل أشار إلى تحقيق تجار الأعشاب والمواد الطبية الطبيعية أرباحاً كبيرة بسبب زيادة الطلب على بضائعهم وخصوصاً خلال فصل الشتاء، مبيناً قيام هؤلاء التجار بصنع العديد من “الخلطات الطبية” و المراهم وبعض أنواع الأدوية بشكل يدوي وطرحها في الاسواق وباسعار منافسة جداً وبنتائج وصفوها بـ”المرضية للزبائن”.
وكان “طب العرب” او التطبيب بالأعشاب منتشراً في ريف ديرالزور وفي باديتها بين البدو الرحل بشكل أكبر من المدينة، وذلك بسبب توافر عدد هائل من الصيدليات واتجاه الأهالي لاستخدام الأدوية الكيميائية المركبة بسبب سرعة فعاليتها ونتائجها شبه المضمونة ورخص ثمنها مقارنةً بدخلهم اليومي، وذلك قبل أن يحاربها النظام بشكل مباشر ويمنع تداول بعض الأعشاب بحجة أنها “غير مطابقة للمواصفات الطبية” أو توقيف بعض المعالجين الطبيعين بحجة “عدم حصولهم على رخصة لمزاولة مهنة الطب أو الصيدلة”.
“مها الجاسم”، من سكان حي الجورة في مدينة ديرالزور، قالت أنها اتجهت لاستخدام الأعشاب الطبيعية منذ أكثر من ثلاث سنوات، وذلك بسبب ما وصفته بـ”الغلاء غير المعقول للدواء في المدينة وجشع أصحاب المستودعات الدوائية والصيادلة وقيامهم باحتكار المواد الطبية ليقوموا ببيعها لاحقاً وتحقيق أرباح طائلة على حساب المواطن البائس”، على حد وصفها.
وفي حديثها مع مراسل منصة SY24 في المدية قالت:” ثمن علبة الباراسيتامول المسكنة تجاوز اليوم حاجز 20 ألف ليرة سورية، بينما بلغ سعر عبوة شراب السعال المحلي قرابة 25 ألف ليرة سورية وهي مبالغ هائلة جداً وأقل مرض يصيبك يجعلك تدفع نصف مرتبك ثمناً للدواء، بينما يمكنك ب 5 آلاف ليرة الحصول على 100 غرام من البابونج واستخدامه لمدة أسبوع ودون الحاجة لتلك الأدوية”.
وأضافت:” صحيح أن الأعشاب الطبيعية تغني نوعاً ما عن عدد كبير من الأدوية الكيمائية غير أن بعض الأمراض كالقلب والسكر والضغط لا يمكن علاجها إلا باستخدام الدواء الذي تم وصفه له، ولهذا فإن أسعارها حلقت بشكل كبير وبلغت الزيادة فيها أكثر من 300% وهو رقم أصبح حلماً لشريحة واسعة من السكان الذين باتوا أمام خيار شراء الدواء أو شراء مستلزمات الحياة اليومية”.
وتعاني مناطق سيطرة النظام والميليشيات الإيرانية والروسية الموالية له في ديرالزور من أزمة كبيرة في توفير الأدوية والمستحضرات الطبية، وذلك بعد إقرار حكومة النظام زيادة في أسعارها بنسبة 50% بحجة ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية والذي تخطى حاجز الـ 13 الف ليرة مقابل الدولار الواحد، ما تسبب بأزمة دواء كبيرة في المدينة دفعت العديد من المرضى لطلبه من بقية المحافظات أو من مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” على الضفة المقابلة لنهر الفرات.