“بعد أيام قليلة من انتهاء دراستي الجامعية، بدأت بحزم حقائبي ولدي هدف واحد فقط هو الوصول إلى أوروبا بأي وسيلة كانت. لذلك الزواج ليس جزءًا من خططي الحالية”.
هكذا تحدث “ياسر الجاسم”، خريج كلية الاقتصاد في جامعة ديرالزور، في عن تجربة الشباب في مدينة دير الزور والصعوبات التي يواجهونها في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تؤثر بشكل سلبي على حياتهم، خصوصًا الذين انتهوا من تعليمهم الجامعي ويسعون لتحقيق مستقبل واعد.
يقول “ياسر” في حديثه مع مراسل منصة SY24 في دير الزور: إن “ظروف الحياة الاقتصادية الصعبة دفعت العديد من الشباب لتأجيل خططهم للزواج، حيث يصعب عليهم تغطية تكاليف الزواج المرتفعة، التي تصل في بعض الأحيان إلى ملايين الليرات السورية. بالإضافة إلى صعوبة العثور على وظائف ثابتة توفر مستوى كافٍ من المعيشة في ظل ارتفاع تكاليف الحياة.”
وأضاف أن “الخدمة الإجبارية في الجيش أيضًا هي عامل آخر يشجعنا على البحث عن فرص خارج المدينة، حيث نتجه نحو مناطق قسد ومن ثم إلى تركيا كخطوة أولى في رحلة الهجرة إلى أوروبا، تلك الأماكن أصبحت أماكن هروبنا من الفقر والحرمان ونقص الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء والرعاية الصحية والتعليم، بالإضافة إلى تدهور الوضع الأمني وتزايد انتشار الميليشيات المسلحة”.
ووفقًا لإحصائيات مديرية الشؤون الاجتماعية، يعاني أكثر من 70% من الفتيات في دير الزور من ظاهرة “العنوسة”، حيث ينخرط الشباب في السفر خارج المدينة بدلاً من الزواج، إضافة إلى الأوضاع المعيشية الصعبة وزيادة قيمة المهور مقارنةً بالدخل اليومي، وصعوبة توفير الاحتياجات الأساسية.
“آلاء عبد القادر”، معلمة مدرسية تبلغ من العمر 37 عامًا ومقيمة في حي الجورة، تقول: إنه “بسبب الحرب وهجرة الشباب من المدينة، أصبحت على وشك الدخول في حالة العنوسة، رغم تجاوز سن الزواج المعتادة، الأوضاع المعيشية الصعبة وعدم الاستقرار الوظيفي جعلتني أفكر بتأجيل خططي للزواج.”
وأضافت “آلاء”، أن “فوارق الطبقات والأوضاع الاجتماعية تلعبان دورًا أيضًا في ارتفاع نسبة العنوسة، بعض العائلات تفضل تزويج أبنائها من عائلات مرموقة لضمان المستقبل، في حين يرفض البعض الزواج خارج العشيرة”.
يُذكر أن مدينة دير الزور تواجه صعوبات اقتصادية خطيرة بسبب البطالة المرتفعة ونقص الفرص الوظيفية وانخفاض الرواتب، وتؤثر هذه الأوضاع بشكل كبير على إمكانية الشباب تحقيق أهدافهم، مما يجعل الهجرة إلى أوروبا خيارًا يبدو جذابًا لتحسين وضعهم المعيشي.