المطالبات الشعبية في سوريا.. هل تشعل الجنوب من جديد؟

Facebook
WhatsApp
Telegram

SY24 -خاص

أعاد الحراك الشعبي المتجدد في مناطق متفرقة من محافظة درعا جنوبي سوريا إضافة لما يجري من أحداث في السويداء، بالسوريين إلى الأيام الأولى لاندلاع الثورة السورية عام 2011.

وكان من أبرز ما يميز المظاهرات التي خرجت في درعا هو رفع المتظاهرين أعلام الثورة، وفي السويداء الهتافات المناهضة للأسد والمطالبة برحيله وعلى رأسها “سوريا لينا وما هي لبيت الأسد”، وفق ما نقلت شبكة مراسلي منصة SY24 إضافة إلى ناشطين محليين.

وبدا عموم الجنوب السوري وكأنه جسد واحد انتفض من جديد في وجه النظام السوري، رداً على استمرار الأزمات والواقع المعيشي المتردي، بحسب مراقبين.

ووسط تلك الاحتجاجات وحالة الغليان الشعبي المتجددة جنوبي سوريا، يطفو على سطح الأحداث السؤال الأبرز “هل تعيد درعا سيرتها الأولى؟”.

وللإجابة على هذا السؤال، أوضح الأكاديمي أحمد الحمادي ابن محافظة درعا قائلاً في تصريح لمنصة SY24، إنه “لا نستطيع بداية ان نفصل ما يجري في درعا و الجنوب السوري عما يجري في سورية عامة وخاصة بعد زيارة الرواتب للموظفين والعاملين فيما تسمى الدولة و مؤسساتها، فوجد الموظفون والعمال أنفسهم في حالة عجز مالي كبير وسط عدم القدرة على تحمل ما حدث على صعيد الحياة الاقتصادية العامة، وبدلا من تحسن أوضاعهم المعيشية ساءت و تدهورت أكثر فأكثر مما ولد الاحتقان والتوتر والحقد على النظام والعصابة المتحكمة بمقدرات البلاد”.

وأضاف أن هذا الاحتقان الناتج عن فشل السياسيات الاقتصادية وتدهور الليرة وارتفاع الأسعار، لم يقتصر على شرائح الموظفين فقط بل طال كل شرائح المجتمع الذي تعاني ما نسبة 93٪ من الفقر مع تآكل الطبقة المتوسطة وانقسام المجتمع لطبقتين لا غير: الطبقة المعدمة و طبقة الرأسمال الطفيلي المكونة من اللصوص والمفسدين وأثرياء الحرب، لذا من الطبيعي أن نشهد كل المظاهر الاحتجاجية ضد النظام من مظاهرات ووقفات احتجاجية وتمرد و قطع للطرقات وإضرابات عامة، و لا نستغرب إذا ما وصل الأمر لحالة العصيان العام الشامل لتطال غالبية الأرض السورية.

وتابع، أنه بالنسبة لمحافظة درعا فقد تكون الأقل تضررا من ارتفاع الأسعار لكونها محافظة منتجة وتعتمد اعتمادا كبيرا في الدخل الأسري لمجتمعها المحلي على دخل وعائد الاغتراب والذي يكون بالقطع الأجنبي وهو ضخم بالطبع حتى بالنسبة للعامل البسيط ، لذا لا نستطيع أن نرد ما يجري حاليا في محافظة درعا من مظاهرات واحتجاجات على أنه عودة لسيرتها الأولى، فالثورة في درعا لم تخمد ولم تنتهي حتى تعود لسيرتها الأولى بل كانت مستمرة ومشتعلة دائما، حتى بعد المصالحات والتسويات التي جرت مع النظام عام 2018 وما بعده، إذ نلاحظ بأن خسائر النظام البشرية كانت مستمرة وكان النظام يستنزف بشكل دائم و شبه يومي.

وزاد موضحا أن ما نستطيع قوله هنا بعد سلسلة المظاهرات والاحتجاجات التي جرت مؤخرا، هو بالضبط ما يردده المتظاهرون من شعارات وهي نفسها الشعارات التي أطلقتها الثورة منذ تفجرها، فرفعت شعار: الشعب يريد إسقاط النظام، والموت ولا المذلة، وظهر شعار جديد قديم “ارحل بدنا نعيش”، وهذا ما يردده المتظاهرون و المحتجون الآن و ما يريدونه.

وعن الحراك الشعبي في السويداء، قال الحمادي “نلاحظ دخول السويداء إلى الانتفاضة الشعبية بكل قوة بحراكها الاحتجاجي وبالتظاهر وبقطع الطرقات والاعتصامات والإضراب الشامل، ونتمنى أن يكون الحراك فيها عاما شاملا ومدعوما من رجال العقل ومعه لا عليه، وخاصة بأننا رأينا تصريح الشيخ حكمت الهجري  ووصفه لبشار الأسد دون أن يسميه بالعاجز، ودعا من يعجز عن إيجاد الحلول إلى التنحي لتمهيد الطريق لحل المشاكل المستعصية لسورية، وقد تردد في المظاهرات والوقفات الاحتجاجية في السويداء شعارات إسقاط النظام وردد المتظاهرون: من السويداء لطرطوس بدنا ندوسك يا (…) ، مع ترديد اللازمة الوطنية “درعا حنا معاك للموت، إدلب حنا معاك للموت و…..”.

وأكد أن المظاهرات والاحتجاجات في الجنوب السوري عامة وشاملة، ففي السويداء أكثر من 40 نقطة تظاهر واحتجاج على امتداد المحافظة، و في محافظة درعا بدأت المظاهر الاحتجاجية والتظاهرات في أغلب مدنها وبلداتها، بل كانت أول القرى التي شهدت التظاهر قرية خبب (واعذرني على الفرز حسب الاعتقاد الديني كون النظام يتذرع بأكذوبة ما يردده بأنه حامي الأقليات) فهي قرية مسيحية بشكل كامل، ويأخذ الاحتجاج بالاتساع للقنيطرة وريف دمشق، كما حدث في كناكر في ريف دمشق الجنوبي وكفر حور في ريف دمشق الغربي وجرمانا وصحنايا .

وختم الحمادي بالقول، إن “النظام لن يستجيب للمطالب الشعبية وهو العاجز عن تحقيق أي مطالب اقتصادية لتحسين مستوى المعيشة، وغير قادر على تحسين سعر الليرة السورية وهو لا يسعى لذلك بل يعتمد بالنسبة لسعر الليرة على سياسة ما يسميه التعويم الجزئي أو المسيطر عليه، أي له دور كبير فيما وصلت إليه الليرة من تدهور كبير في سعر صرفها، و بالتالي لن تنخفض الأسعار بل قد ترتفع أكثر مع انخفاض سعر الليرة التي يتناسب ارتفاعها مع انخفاض الليرة، لذا أرى أن مستقبل الحياة الاقتصادية وحالة شعبنا الاقتصادية مأساوية وستزداد كارثية، إلا اذا استمروا في احتجاجاتهم و تظاهراتهم وطوروها لتصل إلى الخلاص من النظام والعصابة المتحكمة به، وسياساتها الفاشلة العاجزة عن تحقيق أبسط مقومات حياة السوريين، فخلاص سورية بالخلاص من بشار وعصابته ونظامه”.

وكان اللافت للانتباه أنه مع تسارع الأحداث في السويداء تتسارع الأحداث في درعا، وسط حالة ترقب من الأهالي في مختلف المحافظات الخاضعة لسيطرة النظام السوري، على أمل أن تتواصل تلك الاحتجاجات ويستمر صداها وصولا لتدخل المجتمع الدولي والعالم أجمع لإنهاء مأساة السوريين المستمرة منذ 12 عاما، بحسب ما ألمح إليه كثير من المتضررين من الأزمات في مناطق النظام.

كما كان من اللافت أيضاً، حالة القلق المتزايد من حاضنة النظام الاجتماعية، التي بدأت أصواتها تعلو مطالبة النظام وحكومته بإيجاد الحلول للأزمات بدلا من اللجوء إلى استخدام القبضة الأمنية والقمع ضد المحتجين في الجنوب السوري، بحسب ما تم رصده على صفحات وشبكات المؤيدين للنظام.

مقالات ذات صلة