غادرت عشرات العوائل ليلة أمس الماضية قرى ومدن جبل الزاوية جنوب إدلب، بعد تعرض المنطقة لقصف جوي عنيف من قبل قوات النظام وحليفها الروسي، استهدف المدنيين في أحيائهم السكنية وأسواقهم الشعبية، وأجبرهم على النزوح باتجاه الشمال بحثاً عن حياة أكثر أمناً واستقراراً.
وسط موجة النزوح الأخيرة، زادت أسعار أجرة المنازل بشكل ملحوظ في مدينة إدلب وريفها، والمدن القريبة منها، وبات تأمين منزل لعائلة نازحة لايقل مرارة عن النزوح بحد ذاته، حسب قول من تحدينا إليهم من الأهالي.
يقول الرجل الاربعيني “أبو محمد” نازح من بلدة بليون في جبل الزاوية لمراسلتنا: إنه اضطر إلى استئجار منزل لعائلته وعائلة أخيه بـ 125 دولار في مدينة إدلب، بعدما استدان المبلغ من (أصحاب الخير) حسب قوله، لأنه لا يملك هذا المبلغ المرتفع.
إذ تتراوح أجرة المنازل في مدينة إدلب بين 60 _ 200 دولار شهرياً، قد تتفاوت باختلاف المنطقة والحي، والاكساء، والموقع، إلا أن القاسم المشترك بينهم هو غلاء الأجرة، ناهيك عن دفع مبلغ آخر تحت مسمى (التأمين) الذي قد يصل إلى 200 دولار أيضاً في بعض المنازل، فضلاً عن أجرة المكتب العقاري التي لا تقل عن 50 دولار، وأجرة النقل.
حيث يواجه النازحون إثر هروبهم من القصف والموت أشكالاً من الاستغلال والجشع، يخبرنا “أبو محمد” أن استغلال النازحين بهذه الطريقة معيب جداً خاصة أن معظمهم لا يملك هذه المبالغ التي يطلبها أصحاب العقارات والمكاتب العقارية، وختم قوله بعبارة “نحن لسنا سائحين بل نحن نازحين”.
ليس هذا فحسب بل يشترط بعض أصحاب المكاتب العقارية، ومالكي المنازل دفع ثلاثة أو ستة أشهر سلف، عند توقيع العقد، إضافة إلى التأمين وأجرة المكتب.
يقول “وليد” من أهالي جبل الزاوية، يسكن في مدينة بنش منذ عدة أشهر، إن خوفه على أطفاله من أصوات القصف المرعبة، دفعه للنزوح إلى مدينة “بنش” ، واضطر إلى استئجار منزل مؤلف من غرفتين فقط بـ 110 دولار، مع أنه لا يستحق هذا المبلغ، مع توقعه برفع الأجرة عدة مرات خلال أشهر قليلة بحجة أن صاحب المنزل يريد تزويج ابنه أو بيع المنزل.
هذه الحجج المتنوعة بين بيع المنزل أو تزويج الابن، ماهي إلى رسائل مبطنة إلى المستأجر كي يزيد السعر ويبقى في المنزل وإلا فإن هناك أشخاص قد تدفع مبلغاً مرتفعاً وعليك دفعه كي تبقى فيه.
إذ لا توجد آلية واضحة لتحديد أجرة المنازل في محافظة إدلب بل إنها تتم بشكل عشوائي، وقد يغلب عليها استغلال حاجة النازحين والمهجرين إلى السكن، ووضع أجرة مرتفعة وسط ظروف معيشية واقتصادية متردية وقلة فرص العمل وتدني مستوى الدخل لغالبية السكان.
كل تلك التجاوزات تتم تحت أنظار المعنيين في حكومة الإنقاذ التي باتت عاجزة عن وضع حد لرفع الأجرة بين الحين والآخر، وتركز على فرض الضرائب المالية على الأهالي، وتتخذ قرارات لا تصب في مصلحتهم ابداً.