زادت حالات الطلاق بشكل غير مسبوق في السنوات القليلة الماضية في الداخل السوري، لعدة أسباب أبرزها سوء الأوضاع المعيشية والاقتصادية، فضلاً عن ظاهرة تعدد الزوجات التي انتشرت أيضاً، وتسببت في ارتفاع معدلات الطلاق إضافة إلى دعاوى التفريق للغياب قسراً أو الاختفاء أو الاعتقال.
وحسب ما تابعته منصة SY24، فقد أكد القاضي الشرعي بدمشق في وقت سابق ارتفاع نسب الطلاق في الفترة الأخيرة، وأشار إلى انها باتت إلى متقاربة من نسب الزواج، وبيّن أن 30 ألف حالة زواج و10 آلاف حالة طلاق سجلت في دمشق خلال عام 2020.
و يعيش الأهالي في الداخل السوري ظروفاً معيشية واقتصادية سيئة كان لها أثراً واضحاً على الأسر وتسببت في حالات طلاق عديدة، وسط موجة الغلاء وارتفاع الأسعار وقلة فرص العمل، حيث زادت المشاكل والخلافات الأسرية وبات كثير من العوائل عاجز عن تأمين لقمة العيش والمصاريف اليومية، كذلك ساهم المسكن المشترك مع أهل الزوج وذويه بسبب ارتفاع أجرة المنازل وخسارة المواطنين منازلهم عقب النزوح المتكرر، في زيادة حالات الطلاق.
وهذا ما حدث مع الشابة “مرام” 19 عام، التي لم تستطيع أن تتحمل العنف النفسي والجسدي من قبل زوجها إثر خلافات عائلية متكررة معه ومع أهله في المسكن المشترك، قالت لنا إن “الطلاق كان آخر الحلول، بعد أن أصبحت حياتها بائسة بسبب المشاكل والضرب الذي تتعرض له على يد زوجها بتحريض من أهله، وتدخلهم في تفاصيل حياتها، فضلاً عن سوء وضعهم المعيشي، وتهديها بالطلاق بشكل دائم والزواج عليها بامرأة أخرى، ما أدى في النهاية إلى الانفصال”.
فيما ساهمت عقود الزواج غير المثبتة في المحاكم الرسمية، المعروفة شعبياً بـ (كتاب الشيخ) في كثرة حالات الطلاق، حيث استمر زواج الشابة العشرينية “سمر” عشرين يوما فقط، وهي فتاة أرملة فقدت زوجها في الحرب قبل عدة سنوات، تزوجت مرة أخرى بهدف الاستقرار و تأسيس أسرة، إلا أنه سرعان ما انتهى زواجهما بالطلاق دون أن تحصل على شيء من حقوقها بسبب عدم تثبيت الزواج في المحكمة والاكتفاء بـعقد ورقي، تخبرنا أن القصة كانت مثل الحلم السريع، استيقظت منه لتجد نفسها أرملة ومطلقة!
تقول لنا إن “طليقها أوهمها بأنه سيثبت زوجهما في القريب العاجل بعد الدخلة عليها، وسيضمن لها حقوقها، غير أنها كانت ضحية خداعه وثقتها العمياء به، فبعد استغلالها لفترة قصيرة، طلقها فور اكتشاف زوجته الأولى أمر الزواج، فتخلى عنها كونه لم يخسر شيئاً في هذا الزواج أو يتكلف أي مبالغ مالية، حسب قولها.
يقول المحامي” معتز العلي” لمنتصنا: إن” أغلب حالات التفريق تقع بين الزوجين بسبب نتيجة الفقر والبطالة وعدم قدرة الزوج على الإنفاق وتطورها إلى خلافات زوجية معقدة، ثم تأتي حالات غياب الزوج بسبب الاختفاء القسري أو الاعتقال أو السفر الطويل والهجران فضلاً عن مساهمة مواقع التواصل الاجتماعي والتعارف في هدم الأسرة بسبب محادثة أحد الطرفين لشخص آخر، والانجرار وراء الأهواء الشخصية دون التفكير بالأسرة والأطفال قد سبب شرخاً كبيراً بينهما قد ينتهي بالطلاق”.
وأضاف العلي أن” هناك نوع من دعاوى الطلاق منتشر بكثرة وهو توجه الزوجة التي فقدت زوجها أثناء الحرب أو في الاعتقال والمغيبين قسراً، إلى رفع قضية تفريق للتمكن من الزواج مرة أخرى، أو لتحصل على وصاية الأولاد أو تثبت حقوق ملكية إن وجدت، بعد أن واجهت مشاكل عديدة تتعلق بعدم امتلاكها وثائق رسمية، من عقود الزواج وشهادات الوفاة أو بيانات العائلة وهي حالات منتشرة بكثرة لدى النازحين والمهجرين الى الشمال السوري”.