جددت مديرية التربية في مدينة دير الزور تحذيرها للمعلمين والأساتذة من عواقب إعطاء الدروس الخصوصية للطلاب، سواء كان ذلك في مجموعات داخل المنازل أو بشكل فردي، حيث تهدد بفرض غرامات مالية على المخالفين وإيقافهم عن العمل التدريسي نهائياً، مع تطبيق أشد العقوبات بحقهم.
قرار مديرية التربية منع المعلمين من إعطاء الدروس الخصوصية جاء في وقت تم منح فيه تراخيص لعدد من المعاهد والمدارس الخاصة في المدينة، وهذه المؤسسات الخاصة أعلنت عن إقامة دورات تقوية في مجموعة متنوعة من المواد الدراسية لطلاب المرحلتين الإعدادية والثانوية، بالإضافة إلى دورات لتعلم اللغات الأجنبية مثل الإنجليزية والفرنسية والألمانية.
مراسل منصة SY24 في مدينة دير الزور أكد أن جميع المعاهد التي تم افتتاحها مؤخرًا في المدينة تعود ملكيتها إلى مسؤولين في حكومة النظام بالمدينة، بالإضافة إلى ضباط في الأجهزة الأمنية، وليس ذلك فحسب، بل يشترك قادة في الميليشيات المسلحة المتواجدة في المدينة أيضًا في ملكية بعض هذه المؤسسات، وهذا الأمر منح أصحاب هذه المعاهد نفوذًا واسعًا، حيث بدأوا بالضغط على مديرية التربية لمنع المعلمين من إعطاء الدروس الخصوصية في المنازل واحتكارها في المعاهد التي يمتلكونها.
المراسل نقل عن مصادر متعددة، أنَّ قائد ميليشيا الدفاع الوطني فراس العراقية قام بتوظيف العديد من أفراده لمراقبة الأساتذة المعروفين في دير الزور، هذا بهدف منعهم من إعطاء أي درس خصوصي للطلاب في المنازل وتهديدهم بالالتحاق بالمعاهد الخاصة التي يمتلكها “العراقية” أو غيرها من المؤسسات التي تنتمي إلى أفراد الميليشيات، ودفع ذلك بعض الأساتذة إلى مغادرة المدينة والبحث عن فرص عمل في مدن أخرى مثل حلب ودمشق.
“نور”، اسم مستعار لإحدى المعلمات في مدينة دير الزور، أكدت أنها تعتمد على إعطاء الدروس الخصوصية للطلاب والطالبات في المنازل، وذلك لأن الرواتب التي يتقاضونها من النظام لا تكفي لتلبية احتياجاتهم الشهرية، لهذا السبب، أثر قرار منع إعطاء الدروس الخصوصية بشكل سلبي على جميع المعلمين، وخاصة الذين لم يجدوا فرص عمل في تلك المؤسسات الخاصة.
في حديثها مع مراسل منصة SY24 في دير الزور، قالت “نور”، اسم مستعار لإحدى المعلمات: “نعتمد بشكل كبير على الدروس الخصوصية، وما زلنا نُعطي بعض الطلاب دروسًا بشكل سري، يمكن أن نقول إننا نتعامل معها كما لو كنا نتاجر في المخدرات أو البضائع الممنوعة، نقوم بالتسلل إلى المنازل في ساعات متأخرة لإعطاء دروس لطلاب مختلفين في أوقات مختلفة، وذلك لضمان عدم رصدنا من قبل جواسيس النظام ومخبريه”.
وأضافت أن “العديد من العائلات التي لا تستطيع تحمل تكلفة تعليم أبنائها في المدارس الخاصة، التي تطلب رسومًا باهظة، اضطرت إلى تعيين أساتذة من طلاب الجامعات لتدريس أبنائها بعض المواد الأساسية مثل الرياضيات والفيزياء والكيمياء، وخاصة بالنسبة لطلاب التعليم الأساسي، بينما اضطرت بعض العائلات الأخرى لتسجيل أبنائها في تلك المدارس الخاصة لضمان تحقيق نتائج جيدة، خاصة بالنسبة لطلاب المرحلة الثانوية”.
عملية التعليم في مدينة دير الزور، التي تخضع لسيطرة قوات النظام والميليشيات الإيرانية والروسية الموالية له، شهدت تدهورًا كبيرًا خلال السنوات الماضية فيما يتعلق بجودة الخدمات التعليمية، حيث شملت هذه التدهورات جودة المدرسين والمعلمين، بالإضافة إلى التحديات الفنية مثل نقص المرافق الصحية ومواد التدفئة والخدمات الطبية للطلاب.
ومن الجدير بالذكر أن الازدحام في الصفوف الدراسية زاد بسبب إهمال النظام لعملية إعادة تأهيل المدارس التي دمرها في وقت سابق، وأيضًا بسبب رفض الميليشيات الإيرانية مغادرة بعض المدارس التي تحتلها في المدينة والمناطق المحيطة بها.