شهدت أسواق مدينة دير الزور، خلال الأسابيع الماضية، انتشارًا واضحًا للعديد من المواد والسلع التجارية والغذائية الأجنبية القادمة من خارج البلاد بطرق غير نظامية، والتي تُباع بأسعار تُعتبر مرتفعة جدًا مقارنةً بأسعار المواد المحلية أو الإيرانية والروسية ذات الجودة المتدنية مقارنةً بتلك السلع.
دخول السلع والبضائع الأجنبية وبيعها في الأسواق المحلية اقتصر على بضع محلات ومستودعات كبيرة تعود ملكيتها إلى أشخاص نافذين ومقربين من مسؤولي الحكومة وقادة الأفرع الأمنية والميليشيات المسلحة المتواجدة في المدينة، حيث يتم عرض تلك السلع بشكل علني على الرفوف الخارجية لتلك المحلات وبيعها للمواطنين دون الخوف من تعرض أصحاب تلك المحلات للمساءلة من قبل مديرية التموين والرقابة والصحة.
مراسل منصة SY24 كشف عن تورط جهات معينة بعملية إدخال تلك المواد إلى المدينة بشكل شبه علني، وذلك عن طريق استعمال السيارات الخاصة بالمنظمات الإغاثية الدولية القادمة من خارج البلاد من أجل نقل تلك المواد عبرها وإدخالها ومن ثم توزيعها على المحافظات بتنسيق كامل مع مدرائها وموظفيها وبالذات منظمة الهلال الأحمر التابعة للنظام.
المراسل نقل عن مصادر خاصة قولها إن مدير منظمة الهلال الأحمر في دير الزور متورط بشكل مباشر بعمليات إدخال المواد الأجنبية المهربة إلى المدينة، وذلك مقابل حصوله على نسبة معينة من قيمة تلك المواد بعد بيعها للمحلات التجارية المحلية، ناهيك عن تورط عدد من الموظفين في المنظمة في عمليات تهريب سلع تجارية وغذائية أبرزها المعلبات وكريمات التجميل الخاصة بالنساء وبعض المواد الأخرى المحظور بيعها دون الحصول على ترخيص من وزارة التجارة في حكومة النظام.
ويقول “محمد”، وهو اسم مستعار لشاب رفض الكشف عن طبيعة عمله، يقول إن “سيارات المنظمة تقوم بنقل بعض المواد المهربة القادمة في الغالب من لبنان أو من الأردن بشكل مستمر، وإفراغها في مستودعات خاصة بأصحاب المحلات التجارية المعروفة في المدينة ليتم بيعها بشكل علني للمواطنين بعد تقديم رشاوى أخرى لموظفي التموين والصحة ليغضوا النظر عن مصدر تلك البضائع”، على حد تعبيره.
وفي حديثه لمنصة SY24 قال: “العاملون في المنظمات الدولية يستغلون طبيعة عملهم لنقل البضائع والممنوعات عبر الحدود، وذلك بتعاون كامل مع النقاط والحواجز العسكرية الخاصة بالنظام، ليتم نقل تلك البضائع إلى سيارات منظمة الهلال الأحمر وباقي المنظمات المحلية التي لا يتم تفتيشها بشكل دقيق، ما يسهل عملية نقل السلع وبيعها داخل المدينة”.
وأضاف: “معظم السلع التي يتم جلبها عبر سيارات المنظمات الإغاثية تكون عبارة عن دخان أجنبي أو معلبات ومواد غذائية وأيضًا بعض مواد التجميل الخاصة بالنساء، ولهذا فإن عملية إخفائها لا تتطلب جهدًا كبيرًا، وخاصةً أن العناصر المتواجدين على الحواجز باتوا يدققون على المخدرات والأسلحة أكثر من بقية المواد”.
والجدير بالذكر أن البضائع الإيرانية والروسية قد غزت الأسواق المحلية في مدينة دير الزور خلال السنوات الماضية، وسط إقبال ضعيف من قبل المواطنين على شرائها بسبب تدني جودتها وارتفاع سعرها مقارنةً بالبضائع المحلية، ناهيك عن عدم ذكر تاريخ الإنتاج والصلاحية والمواد المكونة لها، في الوقت الذي يعتمد فيه المواطنون على البضائع المحلية بشكل شبه كامل، فيما تبقى البضائع الأجنبية ذات النوعية الممتازة حكرًا على العائلات التي تستطيع تحمل تكلفة شرائها كون سعر القطعة الواحدة منها يعادل سعر ثلاثة أو أربع قطع من المحلية منها.