تعاني مدن وبلدات ريف دير الزور من نقص حاد في الأدوية والمستحضرات الطبية وخاصةً في الصيدليات التي تديرها لجنة الصحة التابعة لـ “الإدارة الذاتية”، ما دفع عدد كبير من المواطنين إلى السفر إلى الحسكة والرقة بهدف تأمين الأدوية الضرورية لمرضاهم وبالذات تلك المتعلقة بالأمراض المزمنة مثل القلب والضغط والسكر، ما زاد من الأعباء المادية والجسدية على المواطنين نتيجة تشديد الإجراءات الأمنية على مداخل تلك المدن.
أزمة الدواء الجديدة التي ضربت ريف دير الزور جاءت مع استمرار إغلاق المعابر النهرية غير الشرعية الواصلة بين مناطق سيطرة “قسد” ومناطق سيطرة النظام، والتي تعد المصدر الأول والرئيسي للأدوية في المنطقة المحلية منها أو المستوردة، ناهيك عن فرض الحواجز العسكرية إتاوات عالية على شحنات الدواء القادمة من الحسكة والرقة بعد الأحداث التي شهدها ريف دير الزور خلال الأسابيع الماضية.
مراسل منصة SY24 في ريف دير الزور أكد أن معظم الصيدليات المتواجدة في ريف دير الزور باتت شبه خالية من الأدوية الأساسية مع فقدان أنواع عديدة منها، ناهيك عن قيام بعض أصحاب المستودعات الكبيرة بالتوقف عن بيع الأدوية بهدف رفع سعرها وتحقيق مكاسب مادية أكبر، وسط حالة من الفوضى تعيشها مدن وبلدات المنطقة في ظل غياب كامل للجان حماية المستهلك والتموين والصحة التابعة لمجلس دير الزور المدني.
المراسل أشار إلى فقدان عدة أصناف من الأدوية من داخل المستشفيات التي تديرها لجنة الصحة وخاصة في مشفى هجين ومشفى الشحيل، ناهيك عن استمرار قطع الطرقات من قبل الحواجز العسكرية وفرض إجراءات أمنية مشددة على جميع السيارات والشاحنات التي تدخل المنطقة واضطرار أصحابها للانتظار عدة أيام قبل السماح لهم بالدخول.
“أبو محمد”، من سكان بلدة أبو حمام في ريف دير الزور الشرقي، أشار إلى “اضطراره للسفر إلى مدينة الرقة بهدف شراء أدوية لعدد من أفراد عائلته وجيرانه، وذلك بعد أن أصبحت أمينها في ريف دير الزور صعباً للغاية بسبب صعوبة التنقل وإغلاق الطرق وتشديد قسد إجراءاتها الأمنية في المناطق بالنسبة لأبناء ريف دير الزور”، على حد وصفه.
وفي حديثه مع مراسل منصة SY24 قال: إن “معظم الأدوية المتواجدة في ريف دير الزور قادمة من مناطق سيطرة النظام على الجهة المقابلة، وإغلاق المعابر النهرية من قبل ميليشيا الفرقة الرابعة قلل من كمية الأدوية التي تدخل المنطقة وزاد من ثمنها الأضعاف، ما خلق أزمة حقيقية في المنطقة أثرت بشكل كبير على المرضى وتسببت بمضاعفات عديدة لهم، وإذا استمرت بهذا الشكل فإننا أمام مشكلة حقيقية سيذهب ضحيتها عشرات المصابين بأمراض مزمنة”.
وأشار إلى أن “الدواء متوفر في مدن الرقة والحسكة بشكل كبير وبأسعار جيدة، ولكن الحواجز العسكرية التابعة لقسد تمنع دخول الشاحنات المحملة بالبضائع ومن ضمنها الأدوية إلى مناطق ريف دير الزور وخاصة الشرقي بسبب الأحداث الأمنية التي شهدتها المنطقة، وهذا ما زاد من صعوبة الوضع الطبي والصحي للسكان في المنطقة”.
من جانبها، أكدت لجنة الصحة التابعة لمجلس دير الزور المدني أن الأحداث الأمنية الأخيرة تسببت بنقص كميات الأدوية داخل المستشفيات والمراكز الصحية التابعة لها، وذلك بعد زيادة عدد المراجعين لهذه المراكز بهدف الحصول على الدواء بعد فقدانه من الصيدليات الخاصة، مبينة أنها بصدد “الإسراع في تأمين الدواء في المنطقة طبقاً للأسعار التي تم تحديدها سابقاً من هيئة الصحة التابعة للإدارة الذاتية شمال شرق سوريا”.
والجدير بالذكر أن القطاع الصحي في مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” شمال شرق سوريا يعاني من أزمات متتالية، بسبب سوء الإدارة وعدم قيام المسؤولين عنه بإيجاد حلول ناجعة للمشاكل التي اعترضته خلال السنوات الماضية، وخاصةً فيما يتعلق باستيراد الأدوية من دول الجوار واعتمادها على تهريبها من مناطق سيطرة النظام، سواءً عبر المعابر النهرية غير الشرعية أو عبر الحواجز البرية التي تتقاضى إتاوات مالية تسبب بزيادة واضحة في أسعار الدواء وأثقلت كاهل المواطنين.