انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة تعاطي الأدوية العصبية والنفسية ومضادات الاكتئاب بين مختلف الفئات العمرية وخاصة الشباب في مدينة ديرالزور، حيث تسببت هذه الظاهرة بالعديد من الحوادث والجرائم الخطيرة التي ذهب ضحيتها الكثير من الأبرياء، وسط تجاهل تام من قبل حكومة النظام والأجهزة الأمنية التي ساهمت في انتشار مثل هذه الظواهر الجديدة بين الشباب داخل المدينة.
حيث اتجه عدد كبير من الشباب العاطل عن العمل لشراء الأدوية التي لا تباع إلا بموجب وصفة طبية من قبل الصيدليات المحلية في ديرالزور، وذلك لعدم قدرتهم على شراء المخدرات التقليدية والحبوب المخدرة التي باتت تباع بشكل شبه علني من قبل عصابات محلية مرتبطة بشكل أو بآخر مع ضباط الأجهزة الأمنية وقادة الميليشيات المسلحة الموالية لها.
مراسل منصة SY24 في ديرالزور رصد زيادة واضحة في معدل السرقات التي تتعرض لها الصيدليات المحلية وخاصةً تلك الواقعة في الأحياء غير المأهولة بالسكان من قبل مدمني الحبوب المخدرة، وسط تحذيرات من تنامي هذه الظاهرة في المدينة وتسببها بانتشار حالات الإدمان الخطيرة التي قد ترفع معدلات الجرائم والانتحار بين الشباب بشكل كبير خلال السنوات القادمة في حال لم يتم علاجها.
المراسل أشار إلى قيام مدمني هذه الأنواع من الأدوية العصبية والمضادات النفسية بتبادل الأصناف والحبوب فيما بينهم داخل الجامعات وفي الطرقات العامة والمقاهي بشكل شبه علني، فيما لوحظ انتشار هذه الظاهرة بين طلاب وطالبات المرحلة الثانوية وقيامهم بتعاطي هذه المواد داخل المدارس أو بعد انتهاء الدوام الرسمي، ما شكل خطراً كبيراً على حياة الطلاب وخاصة الإناث منهم.
وبحسب مراقبين فإن تنامي ظاهرة تعاطي المواد المخدرة، سواءً التقليدية منها مثل الحشيش والكبتاجون أو المشابهة لها مثل الأدوية العصبية و النفسية والمضادة للاكتئاب وغيرها، جاءت بسبب الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها الشباب مع عدم قدرتهم على إيجاد فرص عمل حقيقية بسبب تزايد معدلات البطالة وانتشار الفساد والمحسوبية، ناهيك عن الأوضاع الأمنية والاجتماعية وغيرها من الظروف التي أجبرت عدداً كبيرا منهم للاتجاه لتعاطي المواد المخدرة.
“مازن الحسن”، عامل في إحدى الصيدليات الخاصة بمدينة ديرالزور، ذكر أن “عدد المقبلين على شراء الأدوية العصبية والنفسية قد ارتفع مؤخراً وخاصةً من الشباب، الذي وجدوا أساليب عديدة للحصول على هذه الأدوية التي لا تصرف إلا بموجب وصفات طبية خاصة، مع تعرضنا للمضايقات والتهديدات بشكل مستمر من متعاطي هذه الأصناف وخاصةً عناصر الميليشيات المسلحة في حل لم نقم ببيعهم إياها دون وصفات طبية”، على حد قوله.
وفي حديثه مع مراسل منصة SY24 قال:إن “معظم من يتعاطى الأدوية المخدرة في المدينة هم من الشباب العاطل عن العمل أو الذين تعرضوا بشكل مباشر الى أزمات نفسية حادة، ولكن الجميع يعمل على تناول مثل هذه الأدوية للهرب من الواقع المعيشي والاقتصادي السيئ الذي تشهده البلاد، ولهذا نراهم يحاولون قدر الإمكان الحصول على مثل هذه الأدوية بشتى الطرق حتى لو دفعتهم أحياناً لسرقة الصيدليات أو تهديد العاملين فيها”.
وأضاف أن “بعض الصيدليات الخاصة تقوم ببيع هذه الأدوية إلى الشباب بشكل مباشر دون العودة إلى إجراءات السلامة العامة المتبعة وذلك بعد مضاعفة سعر علبة الدواء مرتين أو ثلاث، بهدف تحقيق مكاسب مالية على حساب شرف المهنة وصحة المرضى وحالته العقلية، الأمر الذي قد ينذر بزيادة واضحة في عدد مدمني هذه الأدوية، الذين يتوجهون بعدها لتعاطي المخدرات التقليدية مثل الهيروين والكوكايين والكبتاجون من أجل الوصول إلى النشوة التي كانت تحصل لهم أثناء تعاطي الأدوية العصبية والنفسية”.
من جهته، يقول “محمد”، وهو اسم مستعار لأحد متعاطي الأدوية المخدرة في ديرالزور، أن اتجاهه لشراء هذه الأدوية سواءً من الصيدليات أو من بعض مروجيها في المدينة يعود إلى “الظروف الاقتصادية والمعيشية السيئة التي يعاني منها شباب المدينة وعدم قدرتهم على إيجاد فرص عمل حقيقية، ناهيك عن الظروف الاجتماعية الصعبة مع غياب الأب وتفكك الأسر نتيجة الآثار السلبية الناجمة عن المعارك التي شهدتها المنطقة سابقاً”، على حد تعبيره.
وتعاني مدينة ديرالزور، كغيرها من المدن السورية الخاضعة لسيطرة النظام والميليشيات الإيرانية والروسية الموالية له، من زيادة واضحة في معدلات تعاطي المخدرات والحبوب المخدرة بين مختلف الفئات العمرية وخاصةً الشباب، وذلك نتيجة الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة التي يعاني منها السكان مع ارتفاع معدلات البطالة وغياب فرص العمل الحقيقية وحالة الغلاء التي ضربت جميع السلع والبضائع التجارية والغذائية، وعدم قدرة أصحاب الدخل المحدود على تحمل تكاليف المعيشة الباهظة واتجاه معظمهم إلى المخدرات بغرض الهروب من واقعهم السيئ.