350 ليرة تركية، دفعتها “سناء” منذ أيام عند زيارتها أحد الأطباء في مدينة إدلب، هذا عدا عن ثمن الأدوية تقول لنا إن “من ضمن المبلغ الذي دفعته عن الطبيب 200 ليرة ثمن تقرير طبي يشرح حالتها، و150 أجرة معاينة للطبيب، وهذا خارج قدرتها المادية، ما جعلها تستدين المبلغ من أحد أقاربها بسبب سوء وضعها الصحي.
ما دفعته” سناء” أمس أي يعادل 15 دولار، يعادل أجرة عامل مياومة لمدة أسبوع كامل، فكيف بامرأة أرملة مثلها عاجزة عن تأمين أبسط مقومات العيش لعائلتها.
يقول أحد الممرضين: إن “دفع أجرة المعاينة يغني عن دفع مبلغ آخر للحصول على تقرير طبي لأي حالة، ولكن هناك استغلال واضح من الطبيب الذي يأخذ أجرة على الأمرين معاً وهذا يعود إلى الوازع الأخلاقي الإنساني لكل طبيب، من مراعاة لوضع المرضى المادي ولاسيما أن معظم الأهالي من النازحين والمهجرين، ومن الطبقة الفقيرة”.
ترتفع أجرة المعاينة الطبية في مناطق الشمال السوري، بشكل واضح، دون أن تتناسب مع الوضع المعيشي والاقتصادي لغالبية السكان ما يجعل زيارة الطبيب أمرا متعباً أكثر من المرض بحد ذاته حسب قول من تحدثنا إليهم من الأهالي، وكذلك ارتفاع أسعار الأدوية التي بياع بالدولار بات خارج قدرتهم الشرائية.
إذ تختلف أجرة المعاينة الطبية بين طبيب وآخر، وتؤثر سنوات العمل والخبرة والاختصاص على تحديدها، والمنطقة الموجودة فيها العيادة، ما يجعل الأجرة والمراجعة متفاوتة بين الأطباء.
وبشكل عام حيث تتراوح كشفية الأطباء من مختلف الاختصاصات في المنطقة من 100 إلى 150 ليرة تركية، ويعد هذا المبلغ مرتفع ولا يتناسب مع وضع غالبية الأهالي ولاسيما الفقراء وذات الدخل المحدود وعمال المياومة.
هذه الأسعار المرتفعة دفعت كثيراً من المرضى إلى عدم مراجعة العيادات الطبية الخاصة، واللجوء إلى الانتظار في المشافي العامة مع صعوبة ذلك بسبب تأزم حالة بعضهم، وعدم قدرته على الانتظار وقتاً طويلاً، ومنهم من يكتفي بوصفة طبية من أحد الصيادلة، أو يتناول الدواء بناء على نصيحة أحد المقربين منه حسب تجربته الشخصية مع المرض، دون الرجوع إلى الطبيب المختص لتشخيص الحالة المرضية ووصف الدواء المناسب له.
يذكر أن القطاع الطبي بشكل عام في الشمال السوري يعاني من هشاشة وضعف وانقطاع في الدعم المقدم من جهات عالمية، ونوهت عدة تقارير صدرت سابقاً عن منظمة العفو الدولية أن هناك نقص شديد في المساعدات الدولية الممنوحة لشمال غرب سوريا تركت نحو 3.1 مليون شخص، بينهم 2.8 مليون نازح، في مواجهة أزمة صحية تكافح فيها المستشفيات والمرافق