اتجه قاطنو مخيم الهول للنازحين في ريف الحسكة للبحث عن وسائل تدفئة بديلة عن المحروقات التقليدية، وذلك في ظل انخفاض الكميات المقدمة لهم من قبل إدارة المخيم وعدم قدرة معظم النازحين على شرائه من السوق السوداء بسبب غلاء ثمنه مقارنةً بالدخل اليومي لهم، الأمر الذي شكل عبئاً إضافياً يضاف إلى الأعباء والصعوبات التي يعانون منها.
قاطنو المخيم باشروا منذ عدة أسابيع بجمع كل ما يجدونه من حطب وأخشاب وأي مادة قابلة للاشتعال وتخزينها في خيامهم لاستعمالها في الشتاء، بالإضافة إلى قيامهم بشراء كميات كبيرة من الملابس المستعملة “البالة” من التجار المحليين لاستعمالها في التدفئة كونها أرخص ثمناً من الحطب وقابلة للاشتعال ولا تحتاج لإضافة أي مواد بترولية.
مراسل منصة SY24 في ريف الحسكة أشار إلى زيادة واضحة في كمية الملابس الموردة إلى مخيم الهول للنازحين خلال الأسابيع الماضية مع زيادة بسيطة في سعر الطن الواحد بلغت قرابة 12٪ نتيجة ارتفاع أسعار المحروقات وتكاليف النقل، بالإضافة إلى استمرار الحواجز العسكرية التابعة ل”قسد” بتحصيل الإتاوات من أصحاب السيارات والشاحنات التي تدخل المخيم.
في الوقت الذي حذرت فيه مصادر طبية من مخاطر استخدام الألبسة والمواد البلاستيكية وغيرها من المنتجات الصناعية في التدفئة، وذلك لإمكانية تسبب الدخان الناجم عنها بالعديد من الأمراض التنفسية والصدرية وخاصةً لدى الأطفال في حال تم اشعالها في أماكن مغلقة وقليلة التهوية، ناهيك عن إمكانية تسبب تلك المواد بحرائق داخل خيام النازحين ما قد يعرض حياتهم للخطر.
“ابراهيم”، وهو ممرض داخل إحدى مشافي محافظة الحسكة، ذكر أن “معدل الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي والأمراض الصدرية يرتفع كل عام في مثل هذه الأوقات بالتزامن مع دخول فصل الشتاء، وذلك مع اتجاه العديد من السكان المحليين والنازحين في المخيمات النظامية والعشوائية لاستخدام وسائل تدفئة بديلة عن المازوت مثل الحطب والأخشاب والألبسة والمواد البلاستيكية وحتى الأحذية، الأمر الذي يهدد الصحة العامة لهم”، على حد وصفه.
وقال في حديثه مع مراسل SY24 في الحسكة: إن “ارتفاع أسعار المحروقات وعدم توافرها بشكل دائم دفع العديد من الأهالي لاستخدام وسائل تدفئة غير صحية وغير آمنة، ما قد يشكل خطراً كبيرا على حياتهم وعلى ممتلكاتهم الشخصية في الوقت ذاته، وخاصةً عند حرق المنتجات البلاستيكية مثل الأحذية والعبوات الفارغة والتي تعد إحدى أهم مسببات مرض سرطان الرئة لدى الأطفال والبالغين”.
في الوقت الذي أكد فيه العم “أبو محمد”، وهو أحد قاطني مخيم الهول السابقين، أن “إدارة المخيم لا توزع كميات كافية من المحروقات على النازحين وهو ما يدفعهم لشراء الألبسة المستعملة والحطب والعبوات البلاستيكية لحرقها واستعمالها كوسيلة بديلة للتدفئة في ظل البرد القارص الذي يعانون منه داخل خيامهم، وهو أمر يستحق المتابعة من المنظمات الدولية التي يجب أن توفر وسائل تدفئة صحية وآمنة للجميع”، على حد قوله.
ويعيش في مخيم الهول جنوب مدينة الحسكة قرابة 56 ألف نازح معظمهم من النساء والأطفال يعانون جميعاً من ظروف معيشية واقتصادية صعبة في ظل غلاء الأسعار وعدم ملائمتها مع قيمة الدخل اليومي للفرد فيه، بالإضافة إلى التوقف المتكرر عن توزيع المساعدات الإنسانية والغذائية عليهم من قبل المنظمات الدولية والمحلية بسبب الوضع الأمني فيه، ناهيك عن فساد عدد من المسؤولين عن إدارة المخيم وتزايد حالات الرشوة والمحسوبية وغيرها من العوامل التي أثرت بشكل مباشر على قاطنيه.