“توقفت عن الذهاب إلى المدرسة بعد أيام على انطلاقها لأن عائلتي لا تستطيع تحمل تكلفة القرطاسية التي طلبتها المعلمة وبالذات بعد تهديدها بمنع كل من يتخلف عن إحضارها من الدخول إلى الفصل الدراسي، ولهذا اخترت تأجيل دراستي للعام القادم والانخراط مع والدي في عمله”.
بهذه الكلمات أشار الشاب “مازن”، وهو طالب في إحدى المدارس المهنية بمدينة ديرالزور، إلى الأسباب التي دفعته وغيره من الطلاب للتسرب من المدارس وترك مقاعدهم الدراسية والاتجاه صوب سوق العمل ما شكل لهم “أزمة حقيقية”، في ظل تقاعس حكومة النظام والمنظمات الإغاثية عن تقديم أي مساعدة للطلاب.
وقال مازن في حديثه مع منصة SY24: إن “تكلفة القرطاسية الخاصة بواحد من الفصول الدراسية تصل إلى أكثر من نصف مليون ليرة سورية والمعلمة تجبرنا على شرائها ولا تسمح بمشاركتها بين الطلاب بحجة حرصها على العملية التعليمية والهدوء والانضباط في الفصل، مع العلم أن معظم الطلاب في الفصل لا يملكون القدرة على شرائها ما شكل عبئاً كبيراً علينا ودفعنا للتوقف عن الدراسة مؤقتاً ريثما تتحسن الأوضاع الاقتصادية”.
وأضاف أن “حال بقية المدارس المهنية والجامعات التطبيقية ليس أفضل من حالنا، فجميع الأساتذة أجبروا الطلاب على شراء القرطاسية الخاصة بهم بالرغم من أن بعضها لا يتم استعماله بشكل دائم مع عدم السماح لهم بتداولها فيما بينهم، في الوقت الذي استغل فيه أصحاب المكتبات حاجة الطلاب وقاموا برفع الأسعار للضعف وسط تجاهل تام من مديرية التربية وبقية مؤسسات النظام في المدينة”.
من جانبها، ذكرت “مها”، وهي طالبة في المعهد الصناعي بديرالزور، أن “المكتبات ومحال بيع القرطاسية قاموا برفع أسعار بضائعهم بشكل كبير خلال الأيام الأولى من الفصل الدراسي الحالي، وبالذات فيما يتعلق بأنواع معينة من الدفاتر الهندسية والمساطر وأدوات الرسم الهندسي حيث بلغ سعر المسطرة لوحدها أكثر من 175 ألف ليرة سورية أي ما يعادل راتب موظف”، على حد قولها.
احتجاج الطلاب على شروط معلمي المعاهد والمدارس المهنية في مدينة ديرالزور لم يلق أي صدى لدى حكومة النظام أو مديرية التربية في المدينة، والتي رفضت طلب بعض الطلاب تأجيل الدراسة أو إعطائهم مهلة لإحضار القرطاسية الخاصة ببعض المواد الدراسية، الأمر الذي دفع عدد كبير من الطلاب إلى ترك مقاعد الدراسة والاتجاه صوب سوق العمل أو التفكير بالهجرة إلى خارج البلاد.
فيما تشهد العملية التعليمية في مدينة ديرالزور تراجعاً كبيراً في المستوى خلال السنوات العشر الماضية، مع قيام حكومة النظام بتوظيف أشخاص لا يملكون أي مؤهلات علمية وتعيينهم في مناصب عليا على حساب من يستحقها من معلمين وأساتذة جامعيين مختصين، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الفساد في المؤسسات التعليمية وغيرها من المشاكل والصعوبات التي خلقتها حكومة النظام للضغط على الطلاب وإجبارهم على ترك مقاعد الدراسة بغرض تجنيدهم في صفوف قواتها إجبارياً أو لدى الميليشيات المسلحة الداعمة لها.