“صحيح أنني أستغرق وقتاً طويلاً في صناعة المخدات والمجالس العربية والأغطية المخصصة لها ولكن ما أقوم به لا يستطيع أي أحد أن يجده في الأسواق المحلية والمصانع الحديثة”.
بهذه الكلمات وصفت الحاجة “أم محمد” الأعمال اليدوية التي تقوم بها داخل منزلها مستخدمةً بعض الأدوات القديمة التي تساعدها على إعالة عائلتها المؤلفة من 7 أشخاص، بعد أن فقد زوجها وابنها حياتهما في قصف لقوات النظام على مدينة البصيرة في وقت سابق.
وفي حديثها مع منصة SY24 قالت:” عدت للعمل في تنجيد المجالس العربية وصناعة المخدات وغيرها من المهن التي تعتمد على الخياطة كوني بارعة في مثل هذه الحرف منذ الصغر، وعملت بها سابقاً مع زوجي الذي كان من أمهر خياطي المنطقة، ولكن مع قدوم المصانع والمنتجات الحديثة توقفنا عن العمل واتجهنا للتجارة بها، وها نحن نعود مرة أخرى لصناعة مثل هذه الحرف لتحسين وضعنا المادي”.
وأضافت:” أبذل الكثير من الوقت والجهد في صناعة المخدة الواحدة مستخدمةً أجود أنواع المواد الأولية للحصول على أفضل نتيجة، ولهذا فإن بضاعتنا تكون مرتفعة السعر ولها زبائن مخصصين قادرين على دفع مبالغ مالية إضافية للحصول على مثل هذه المنتجات، ما دفعنا لعدم صناعة أي منتج إلا بتوصية مسبقة والحصول على مبلغ مالي سلفاً، بينما هناك بعض المنتجات متوسطة الجودة ذات الأسعار المناسبة للجميع نقوم بإنتاجها لتغطية حاجة الأهالي غير القادرين على دفع مبالغ مالية كبيرة”.
من جانبه، يقول العم “أبو عبدالله”، يعمل في تنظيف الأواني المنزلية وصيانتها، أن “عمله ازدهر خلال السنوات الماضية بشكل كبير بعد أن عاد معظم الأهالي لاستخدام الحطب بدلاً عن الغاز في الطهي لصعوبة تأمين الأخير وارتفاع ثمنه، ما جعل عمله الحرفي التراثي يعود إلى الواجهة مجدداً”، على حد وصفه.
وفي حديثه مع منصة SY24 قال:” تبييض وتنظيف أواني الطبخ الكبيرة المعروفة في العزائم والاجتماعات العشائرية هي مهنة قديمة لعائلتنا، ولهذا ترانا نعرف كيف نعيدها إلى وضعها السابق بسهولة مستخدمي وسائل بدائية جداً ولكنها نافعة وغير مكلفة، فيما نحاول صيانة تلك الأواني بأفضل الطرق المناسبة وبالذات النحاسية منها غالية الثمن والتي تتوارثها بعض العائلات وتعتبر من التراث الخاص بها”.
عودة المهن والحرف التراثية واليدوية الى مدن وبلدات ريف ديرالزور تزامن مع تشديد الرقابة على العديد من المنتجات والبضائع القادمة من خارج مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية”، وزيادة الضرائب والاتاوات عليها وبالذات تلك القادمة من مناطق النظام ما تسبب بارتفاع ثمنا لاضعاف، الأمر الذي دفع الأهالي للاتجاه نحو البضائع محلية الصنع ذات الجودة الأفضل والسعر الأنسب لهم.