باعتباره الأكثر دموية، مؤسسة “الخوذ البيضاء” تصدر تقريرها الشهري لتوثيق الهجمات الممنهجة لقوات النظام وروسيا خلال شهر تشرين الأول الماضي، حيث مرّ قاسياً على المدنيين في شمال غربي سوريا.
وذكر التقرير الذي اطلعت عليه منصة SY24 أن قوات النظام وروسيا ارتكبت مجازر وهجمات إرهابية، استخدمت فيه الأسلحة المحرمة دولياً على أجساد المدنيين وفي المرافق العامة، وتعطلت فيه عجلة التعليم وتسارعت عجلات المركبات في رحلة نزوح إلى المزيد من الأسى والمعاناة في المخيمات وتدهور كبير في الأوضاع الإنسانية.
وأشار التقرير أن حملة التصعيد والقصف العنيف من قوات النظام وروسيا في شهر تشرين الأول، أدت إلى مقتل 66 شخصاً بينهم 23 طفلاً و13 امرأةً، وأصيب فيها أكثر من 270 شخصاً بينهم 79 طفلاً و47 امرأة، و 3 متطوعين في الدفاع المدني السوري، وارتكبت قوات النظام ثلاثة مجازر أغلب الضحايا فيهما من الأطفال والنساء، كانت أولهما يوم الأحد 22 تشرين الأول باستهداف مدفعي لقوات النظام لخيمةٍ بجانب منزل سكني في قرية القرقور بسهل الغاب شمال غربي حماة، وراح ضحيتها 5 أطفال بينهم 3 أشقاء، وطفلة ابنة عمهم، إضافة لطفل آخر وفقدان شقيقته (كانت تلعب مع الأطفال الذين قتلوا ولم يعثر عليها).
واستهدف القصف مخيمات النازحين، إذ وقعت المجزرة الثانية يوم الثلاثاء 24 تشرين الأول، باستهداف الطائرات الحربية الروسية لمخيم (أهل سراقب) في قرية الحمامة في ريف إدلب الغربي، ما أدى لمقتل 5 مدنيين وهم امرأتان شقيقتان إحداهما حامل وجدتهما ورضيعان، وأصيب 5 مدنيين آخرين بينهم 3 أطفال أحدهم رضيع، ورجلان آخران مسنان.
واستجاب الدفاع المدني السوري خلال شهر تشرين الأول، لـ 287 هجوماً لقوات النظام وروسيا من بينها 160 هجوماً مدفعياً وأكثر من 70 هجوماً صاروخياً واستخدم فيها مئات القذائف المدفعية والصواريخ.
و30 هجوماً جوياً من الطائرات الحربية الروسية، و9 هجمات بالأسلحة الحارقة المحرمة دولياً وهجوماً 1 بالقنابل العنقودية التي هي أيضاً محرمة دولياً، وهجومان بصواريخ موجهة، وهجومٌ بصاروخ أرض أرض بعيد المدى.
وذكر التقرير أن القصف الذي شنته قوات النظام وروسيا بالقذائف المدفعية وراجمات الصواريخ والغارات الجوية، استهدف عشرات المرافق العامة ومنازل المدنيين في أكثر من 70 مدينة وبلدة شمال غربي سوريا، ومن بين تلك المرافق أكثر من 13 مدرسة، كما تعرضت أكثر من 7 مرافق طبية للاستهداف المباشر الذي خلف فيها أضراراً، واستهدف القصف 5 مساجد، و5 مخيمات و5 أسواق شعبية و4 مراكز للدفاع المدني السوري، بينها مركز لصحة النساء والأسرة، ومحطة كهرباء، و 3 محطات مياه، و3 مزارع لتربية الدواجن.
ونوه الدفاع المدني إلى زيادة موجات النزوح والتهجير
منذ بداية التصعيد مطلع شهر تشرين الأول كانت حملات القصف كفيلة بتجدد مأساة النزوح والتهجير لعشرات الآلاف من المدنيين من مدن وبلدات ريف إدلب الشرقي والجنوبي، وريف حلب الغربي، حيث نزحت آلاف العائلات من مدن إدلب وأريحا وجسر الشغور وسرمين ودارة عزة وقرى آفس والنيرب وترمانين والأبزمو وعشرات القرى في جبل الزاوية جنوبي إدلب شبه أفرغت من ساكنيها بالكامل بسبب القصف العنيف والمكثف، وتقدر أعداد السكان بشكل تقريبي في المناطق المذكورة بنحو 750000 شخصٍ توجهت أعداد كبيرة منهم إلى المدن والبلدات الأقل عرضةً للقصف والأقل خطراً على حياتهم، فيما توجهت أعداد أكبر إلى مخيمات التهجير التي تعاني أساساً من ضعف كبير في البنية التحتية.
وحذر التقرير من تفاقم الأوضاع الإنسانية في المخيمات تزامناً مع فصل الشتاء، حيث أدت حملة التصعيد إلى زيادة أعداد المدنيين المهجرين في المخيمات بسبب الدمار الكبير الذي لحق بالمنازل السكنية واستمرار قوات النظام بقصفها للمناطق القريبة من خط التماس وخاصةً مع استخدامها الأسلحة الحارقة في استهدافها للمدنيين.
و تتكرر المأساة في كل عام، بسبب ضعف المساعدات الإنسانية وعدم كفايتها للحد الأدنى من احتياجاتهم وانعدام أدنى مقومات الحياة، من نقص وسائل التدفئة وطبيعة المنطقة التي تقام فيها المخيمات وغياب قنوات تصريف وخاصة في المخيمات المبنية في الأودية، حيث تتعرض لأضرار كبيرة.
ويأتي التصعيد على المنطقة في سياق سياسة ممنهجة تهدف لضرب الاستقرار فيها، ونشر الرعب بين المدنيين الآمنين ومنعهم من عيش حياتهم الطبيعية، وتضاعف هذه الهجمات معاناة المدنيين وتعتبر انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني ولحقوق الإنسان وهي جرائم حرب، بينما يتقاعس المجتمع الدولي عن محاسبة مرتكبيها ليبقى السوريون تحت ضرباتها دون أن يجدوا ملاذاً آمناً يحميهم، ويبقى المدنيون هم الضحية دائماً لجرائم نظام الأسد وروسيا والميليشيات الداعمة لهم.