“كنا نلتقي في منزل أحد الأصدقاء أو الأقارب لتناول الغداء أو العشاء، وأحيانًا نكرر هذا الأمر مرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع، ولكن خلال الخمس سنوات الماضية، أصبحت زيارة المريض لمدة نصف ساعة مشكلة تؤثر على الجميع سواء كانوا ضيوفًا أو مُضيفين.
بهذه الكلمات وصف السيد “أحمد”، وهو أستاذ مدرسة وساكن في حي القصور في دير الزور، الحالة الاجتماعية المتدهورة التي وصل إليها سكان مدينة دير الزور في ضوء الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعانون منه، وعدم قدرتهم على تقديم الضيافة الملائمة للضيوف أو إقامة الولائم في العديد من المناسبات المهمة بالنسبة لهم.
وفي حديثه مع مراسل منصة SY24 في دير الزور، قال: “المجتمع القبلي في دير الزور يفرض علينا إقامة الولائم في جميع المناسبات الاجتماعية سواء كانت سعيدة أو حزينة، وغالبًا ما تكون هذه الولائم مكلفة وتحتاج إلى صرف مبالغ مالية كبيرة، أما الآن فإن الوضع المعيشي المتدهور يمنعنا من تقديم الضيافة الملائمة للضيوف أو القيام بواجباتنا”.
وأضاف أن “سكان المدينة أصبحوا معزولين عن بعضهم البعض، وباتت الزيارات العائلية تقتصر على فنجان من الشاي أو القهوة يتم تقديمها على مضض بسبب عدم قدرة معظم السكان على شراء الحلويات العربية ذات التكلفة العالية أو تحضير الأطباق التقليدية التي تحتوي في الغالب على اللحوم أو الدجاج، وأصبح من الصعب الحصول عليها”.
الوضع الاقتصادي المتدهور أثر بشكل مباشر على حياة السكان في مدينة دير الزور، مما دفع معظم الأهالي إلى الامتناع عن إقامة الحفلات في المناسبات الخاصة والعامة بسبب عدم قدرتهم على تحمل تكاليف هذه الحفلات الباهظة، خاصةً مع تراجع الدخل اليومي للأفراد مقارنةً بالأسعار الخيالية التي وصلت إليها معظم السلع والبضائع التجارية.
وفي الوقت ذاته، امتنع فيه عدد كبير من سكان المدينة عن إقامة حفلات الخطوبة والأعراس الجماعية واقتصرت هذه المناسبات على حفلات خاصة لا تتجاوز حدودها، تم توجيه الأموال التي كانت تُنفق في هذه الحفلات لشراء الأشياء الأساسية للمنزل مثل الأجهزة الكهربائية وغيرها من الأثاث لتقديمها كهدايا مشتركة، وأكدوا أن هذه الحفلات لن تجلب سوى الإزعاج والمشاكل نتيجة لزيادة إطلاق الرصاص العشوائي فيها والتي أدت إلى قتل وإصابة المدنيين.
الجدير بالذكر أن مدينة دير الزور، التي تخضع لسيطرة قوات النظام والميليشيات الإيرانية والمحلية الموالية لها، تعاني كغيرها من وضع اقتصادي صعب بها من الأسباب التي دفعت الأهالي إلى إلغاء العديد من المناسبات العامة والخاصة.