تفيد الأنباء الواردة من منطقة إدلب شمال غربي سوريا، أن هيئة تحرير الشام تستخدم أساليب خفية لكنها قوية للتلاعب بالمشاعر داخل المناطق التي تسيطر عليها.
وأوضح مركز حرمون للدراسات المعاصرة بحسب ما ترجمت منصة SY24، أن هذا التلاعب يتراوح بين مبادرات التوعية المجتمعية إلى التوزيع الاستراتيجي للمساعدات الإنسانية، وكلها مصممة ليس فقط للحفاظ على السيطرة ولكن أيضًا لكسب الدعم والولاء الثابت من السكان المحليين، حسب المركز البحثي.
وفي العصر الرقمي، تستغل هيئة تحرير الشام بشكل استراتيجي منصات وسائل التواصل الاجتماعي كساحات معركة لنشر الدعاية والسيطرة بدقة على الخطاب العام، حيث تعتمد استراتيجية وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بهيئة تحرير الشام على فن تنظيم المحتوى، ليتم اختيار كل مقطع فيديو وصورة ومخطط معلوماتي بدقة وتصنيعه لإثارة استجابات عاطفية محددة، من خلال تصميم المحتوى لإثارة التعاطف أو الغضب أو الخوف.
وتشارك هيئة تحرير الشام بشكل استراتيجي في برامج التوعية المجتمعية، بدءًا من المبادرات التعليمية إلى الخدمات الصحية، المصممة لتعزيز الشعور بالثقة والاعتماد بين السكان المحليين.
ومن خلال توفير الخدمات الأساسية من خلال هيئات “حكومة الإنقاذ” التابعة لها، تضع المنظمة نفسها كموفر للاستقرار والدعم الذي تشتد الحاجة إليه، مما يرسخ التصور بأن وجودها ضروري لرفاهية المجتمع المحلي والحفاظ عليه.
ومن خلال هذه المبادرات والأنشطة، لا تكتسب هيئة تحرير الشام الثقة المحلية فحسب، بل ترسي أيضًا أساسًا لنفوذها، حتى خارج منطقة سيطرتها المباشرة، بحسب مركز الأبحاث المذكور.
من جهته، قال ناشط سياسي من محافظة حلب لمنصة SY24، “أرى بأن هيئة تحرير الشام ستبقى بذات الاستراتيجية والمتمثلة بمزيد من النفوذ وذلك من خلال توظيف المساعدات الأممية القادمة إلى إدلب وفق أولوياتها، بحيث يتم توزيعها على الكتلة الصلبة الموالية لها بالدرجة الأولى ومن ثم الأقل ولاءً وصولا إلى التصوير، وذلك بتوزيعها عبر المخيمات الأشد عوزا من أجل جذب أنظار العالم تجاه أهمية تقديم مزيد من المساعدات، وبأن هذه المساعدات غير كافية، وبنفس التوقيت يستثمرون في هذه المساعدات لجلب مزيد من الولاءات، وتعزيز قدراتهم في كتلتهم الصلبة عبر الدعم المفتوح لهم وذلك لاستثمار الولاء في مزيد من قضم الأراضي باتجاه مناطق المعارضة السورية في حلب في منطقتي عمليات غصن الزيتون ودرع الفرات، وذلك من خلال النفوذ التدريجي عبر المؤسسة الاستخبارية وصولا إلى الأمنية وليس انتهاء بالعسكرية”.
وأضاف أن الهيئة “تحاول بسط نفوذها بشكل كامل على المشتقات النفطية القادمة من مناطق سيطرة قوات سورية الديمقراطية، وذلك من أجل توحيد الأسعار في منطقتي إدلب وحلب، وأن يعود ريع هذه الأرباح على تنمية الجهاز الاقتصادي في حكومة الإنقاذ الذي بدوره يمول هيئة تحرير الشام عموما”.
وكان اللافت للانتباه، بحسب مركز حرمون للدراسات، أن الهيئة تستثمر في المبادرات الثقافية التي تلقى صدى لدى السكان المحليين، مما يعزز الشعور المشترك بالهوية والولاء، ومن خلال الأدب والتعاليم الدينية، تعزز المنظمة سردها وأيديولوجيتها، وتدمج نفسها بمهارة في النسيج الثقافي للمجتمع، ومن خلال تشابك رسائلها مع التقاليد والمعتقدات المحلية، تخلق هيئة تحرير الشام رابطًا عاطفيًا دائمًا، مما يزيد من ترسيخ قبضتها على قلوب وعقول جزء كبير من السكان.