فاجأ حسن نصر الله متزعم ميليشيا “حزب الله” اللبنانية جميع المحللين والمراقبين، وخصوصا بعد تركيزه في خطابه الأخير على سوريا بدلا من غزة، لافتين إلى أنه يريد إيصال عدد من الرسائل من وراء ذلك.
وتزامن خطاب حسن نصر الله، أمس السبت، مع انعقاد القمة العربية الطارئة بخصوص التطورات في غزة، لكنّ تركيزه كان بشكل ملحوظ على سوريا.
ومن ضمن ما تحدث به متزعم ميليشيا حزب الله في خطابه، أن “سوريا تحمل عبئاً كبيراً جداً، فإضافة إلى موقفها الحاسم هي تحتضن المقاومين وحركات المقاومة وتتحمّل التبعات”، وفق زعمه.
وتابع مدّعيا أن عمليات ما تسمى “المقاومة العراقية” ضد الأهداف الأمريكية في سوريا والعراق تأتي كـ “مساندة للفلسطينيين وتخدم فكرة تحرير العراق وسوريا”.
وأقرّ حسن نصر الله في سياق حديثه بتعرض إحدى ميليشياته العاملة في سوريا لقصف إسرائيلي، ووقوع عددٍ من القتلى.
وحول ذلك قال الناشط يوسف الشامي لمنصة SY24، إنه “من الطبيعي أن يركز حسن نصر الله على سورية وعلى وظيفته في قتال الشعب السوري، فأصلا إيران وإسرائيل ليستا في حالة صراع وإنما في حالة تنافس على السيطرة والنفوذ، خاصة بعد تحالفهما ودورهما في تدمير العراق وإسقاط نظام صدام حسين، حيث انتقل التنافس على اليمن فكان اليمن وسورية لإيران مقابل ضرب أي مقاومة فلسطينية حقيقية وخاصة حماس، وهذا السبب الذي دفع المقاومة الفلسطينية للقيام بعملية طوفان الأقصى التي خلطت أوراق الجميع وخاصة إيران ونظام الأسد وذيلهم في لبنان، لذلك سمعنا ورأينا إعلان براءتهم من عملية الطوفان، ولكي يؤكدون براءتهم يركزون على أن واجبهم الجهادي في سورية هو الأولوية وأنهم غير قادرين على الدخول في حرب مع إسرائيل في نفس الوقت، وهذا جوهر كلام المحور لطمأنة إسرائيل ولامتصاص التحذيرات التي يوجهها لهم وزير الدفاع الإسرائيلي”.
والجمعة، أعلنت ميليشيا “حزب الله” عن مقتل سبعة من عناصرها، من دون أن تحدد مكان مقتلهم، في حين جاء الإعلان بعد ساعات من قصف نفّذته الطائرات الإسرائيلية وسط سوريا.
من جهته، قال الباحث رشيد حوراني لمنصة SY24، إن “هذا الظهور هو الثاني لحسن نصر الله بعد تنفيذ عملية طوفان القدس، والذي جاء ليرمم الانتقادات والتقصير الذي طال ما يسمى محور المقاومة الذي يلعب فيه هو وميليشياته رأس حربة، وركز فيه على سورية لأسباب عديدة لفت الانتباه الى القوى الخارجية التي تحاول الضغط والتأثير على ايران أن سورية هي ميدان العمل ضدها وخاصة أمريكا”.
وأضاف أن “ذلك يعود ترجيح ذلك لوجود حلف إن صح التعبير مكون من روسيا وإيران وتركيا، حيث يرغب جميعهم ويسعى لإخراج أمريكا من سوريا، ولتوفر أرضية عسكرية ومعلوماتية للميليشيات الإيرانية لاستهداف هذه المواقع وإمكانية استخدامهم لأفراد السكان المحليين في أماكن انتشار القوات الأمريكية”.
وتابع “يضاف لما سبق أن التضليل بات يلعب دور رئيسي في الحروب وأحد الأدوات المستخدمة في الإعلان عن عمل أو تحقيق هدف ما، فما قاله نصر الله (الأمريكيين اعترفوا بحصول 46 هجوما على قواعدهم في سوريا والعراق وإصابة 56 جنديا،) يدخل في هذا السياق، خاصة أن ترامب اعترف بتواصل إيران معه وإعلامه بأنهم سوف يستهدفون قواعدهم في سورية من دون خسائر، الأمر الذي يدلل على التخادم بين الطرفين من دون إعلان أو إعلان أمام الرأي العام ليس إلا”.
بدوره، رأى المحلل السياسي مأمون سيد عيسى أن “تركيز نصر الله على سوريا هو استمرار لتنصل حزب الله من تعهداته لحماس عبر ما سمي بوحدة الساحات أو الجبهات، فقد فضّل حزب الله الحفاظ على مصالحه من حيث السيطرة على مؤسسات الدولة اللبنانية وعلى القرار اللبناني على أن يدخل في أي حرب مع إسرائيل، ولتحقيق مصالحه ومصالح إيران في سوريا”.
وزاد قائلا “أرى أن هذا الحزب قد سقط حتى في عيون مناصريه بعد أن أثبت أن الشعارات التي كان يطرحها كانت كاذبة مخادعة”.
الجدير بالذكر، أن إيران وأذرعها في المنطقة ومنها ميليشيا “حزب الله” تؤكد أنها لن تغادر سوريا إلا إذا طلب النظام السوري منها ذلك.
يشار إلى أنه في نيسان/أبريل 2013، أعلن متزعم “حزب الله” عن المشاركة رسمياً إلى جانب النظام السوري في الحرب ضدّ الشعب السوري، إلا أن عناصر الحزب كانت تنتشر في بعض مناطق العاصمة دمشق بحجة حماية “المراقد الشيعية” وشاركت في العديد من المجازر قبل إعلان “نصر الله” عن ذلك.