أوضاع معيشية مزرية يعيشها المعلم\ة في محافظة إدلب بانتظار راتبه الذي يتأخر عدة أشهر مع احتمال إكمال مدة معينة بشكل تطوعي، قد تصل إلى أكثر من شهر، وسط غلاء معيشي وتردي الأوضاع الاقتصادية، وتدني مستوى الدخل لغالبية المعلمين، الذين باتوا عاجزين عن تأمين أبسط احتياجات عوائلهم بسبب التأخير في مستحقاتهم الشهرية.
“ملحم عباس” 35 عاماً، اسم مستعار لمعلم المرحلة الابتدائية إحدى المدارس بريف إدلب الشرقي يقول في حديثه إلينا إنه “لم يقبض رواتبه منذ بدء الفصل الدراسي الأول لهذا العام، إضافة إلى عدم حصوله مع باقي المعلمين في المنطقة على راتب الشهر التاسع، كما تم تخفيض منحة أجور مراقبة الامتحانات في الصيف من 4 آلاف ليرة تركية إلى 500 ليرة فقط، وهذا ما أثار موجة غضب بين المعلمين.
يخبرنا أن المبلغ المقدم لايكف ثمن مواصلات للمعلم، وخاصة الذين يسكنون في الأرياف، وقد تفاجئ المعلمين بما أسماه “سرقة المنحة” بشكل علني ودون أي مبرر من قبل التربية المسؤولة عن ذلك، كما أن جميع الاحتجاجات لم تلق آذن صاغية من قبلهم لمعرفة السبب وتعويض المعلمين.
إذ تعد مديرية التربية والتعليم المسؤولة الأولى عن ملف التعليم في المحافظة، بما فيه تسليم رواتبهم الشهرية، إضافة إلى كما وجود عدد من المنظمات الإنسانية بدعم وتنفيذ مشاريع تعليمية بعد التنسيق مع المديرية.
انقطاع الرواتب لمدة طويلة تسبب بضغوط نفسية ومعيشية كبيرة على المعلمين بسبب صعوبة تأمين مصروف عوائلهم ولاسيما مع اقتراب الشتاء وزيادة الأعباء المالية عليهم من تأمين مواد التدفئة وغيرها.
وكثير منهم يلجأ إلى الاستدانة لتأمين متطلبات أسرهم، إلى حين استلام الراتب الذي لا يتجاوز 120 دولار فقط في حين تحتاج الأسرة المكونة من خمس أفراد إلى 300 دولار بشكل وسطي لتغطية تكاليف المعيشية وسط ارتفاع الأسعار وموجة الغلاء التي تجتاح المنطقة.
هذه الحال دفعت كثيراً من المعلمين /ات إلى ترك مهنة التعليم والبحث عن فرصة عمل أخرى تناسب مع الوضع المعيشي، كحال المعلمة “مريم” مدرسة اللغة الإنكليزية في المرحلة الابتدائية.
تخبرنا “مريم” أن راتبها لم يكن يكفيها ثمن مواصلات من مكان سكنها في دير حسان شمال إدلب إلى مكان المدرسة في كفر لوسين المحاذية لها، وغياب الراتب لعدة أشهر راكم الالتزامات المالية عليها ودفعها إلى الاستدانة لتغطية نفقاتها إلى حين استلام الراتب، ما جعلها تتخلى عن التدريس في أول فرصة أتيحت لها لصالح عمل آخر في إحدى المنظمات براتب جيد.
تقول “الحمد لله الذي تاب عليّ من مهنة التدريس، فقد سبب لي تعب نفسي تراكم الديون جراء تأخر الرواتب وأحياناً لا نستلم أي مخصصات ويتم اعتبار عملنا تطوعي إلى حين تجدد العقد من المنظمات الداعمة وقد يستمر العمل التطوعي عدة أشهر، وهذا ما لايصبر عليه المعلم كونه مسؤول عن أسرة ملتزم بتأمين لقمة عيشها ومصروفها”.
ويعاني القطاع التعليمي في محافظة إدلب شمال سوريا، بشكل عام من ضعف شديد، وقلة الدعم المقدم من المنظمات العالمية المعنية بالتعليم، وبدا ذلك جلياً بعد سيطرة “حكومة الإنقاذ” على المنطقة، حيث تخلت كثير من المنظمات الداعمة عن ملف التعليم منذ وضعت الحكومة يدها عليه، وعلقت مشاريعها التعليمة أيضاً ، ما أدى إلى تسرب آلاف الطلاب من المدارس.
ويعود ذلك حسب من التقيناهم من الأهالي إلى القرارات غير المدروسة، والبعيدة عن الواقع، التي تصدرها “حكومة الإنقاذ” بشكل مستمر، وتلاقي ردة فعل عكسية على أرض الواقع من جميع النواحي.