مثلت السيدة السورية “أمنة البش” المتطوعة في فريق الدفاع المدني السوري، النساء السوريات باختيارها ضمن قائمة أكثر 100 امرأة ملهمة ومؤثرة حول العالم لعام 2023، بحسب القائمة التي أعلنت عنها هيئة الإذاعة البريطانية (BBC).
وتعد “آمنة” السورية الوحيدة الممثلة عن النساء السوريات، والتي أسهمت في إيصال صوتهن وتسليط الضوء مجدداً على معاناة السوريين، إذ أن قصتها تشبه قصص الكثير من النساء في سوريا، فهنّ الحلقة الأضعف في هذه الحرب وأكثر من قدمنَّ التضحيات.
وفي مقابلة خاصة مع السيدة، أكدت لمنصة SY24 أنها منذ بدء عملها في مؤسسة الخوذ البيضاء عام 2017، قررت ألا تستسلم وأن تأخذ زمام المبادرة وجدت بعملها التطوعي مهمة إنسانية عظيمة، تساهم في تخفيف المعاناة عن المجتمع المحلي وبشكل خاص النساء بسبب تصاعد الأعمال العدائية والوحشية التي أدت لتفاقم الوضع الإنساني في سوريا.
وجاء ترشيحها كثمرة للدور الذي تقوم به مع زميلاتها خلال عملهن في الدفاع المدني السوري، حيث تم اقتراح اسمها بعد أن لاحظ فرق عمل الـ BBC القائم على انتقاء النساء للقائمة السنوية الدور المهم والتأثير الذي تصنع آمنة من خلال عملها في الاستجابة لأماكن المستهدفة والعمل على تقديم خدمات الطوارئ والاسعافات الأولية للسكان، وكان ذلك عبر بعض المواد الاعلامية التي تم نشرها عبر منصات الدفاع المدني السوري او ووسائل الإعلام الكبرى.
وقالت “آمنة” إنها تطوعت أيضاً لإنقاذ ضحايا الزلازل الذي ضرب سوريا وتركيا في فبراير 2023، ودمر الأحياء وحاصر أفراد من عائلتها تحت الأنقاض.
تخبرنا أن “عام 2017 لم يكن عادياً بالنسبة لها أبداً، بل كان نقطة تحول كبيرة، تغيرت حياتها بشكل كامل، كان هذا العام من أصعب السنوات على السوريين بسبب حملات القصف والتصعيد الوحشية وتهجير السكان من مختلف المناطق السورية إلى شمال غربي سوريا، ولم تستطيع البقاء مكتوفة الأيدي ومشاهدة ما يجري، وقررت الانضمام للدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) دون أن تكترث بالمخاطر التي قد تتعرض أثناء عملها في إنقاذ الأرواح وتقديم الإسعافات الأولية للمصابين والمتضررين بسبب القصف.
واستمرت “آمنة” بشغف بعملها وكانت الأعمال العدائية قد تصاعدت، وعاشت التهجير والنزوح المتكرر، دون أن تتخلى عن مهامها، ولم تكن ترى مهمتها فقط في إنقاذ الارواح وتقديم الإسعافات الأولية للمصابين، كانت تكافح أيضاً من أجل تحسين حال المجتمع النسائي حيث أصبحت واقع النساء بسبب تداعيات وعواقب الصراع أكثر قساوة عليهن، و مكنها عملها بالقرب من النساء من سماع قصصهن، حيث تسعى إلى أن ترفع من معنويات النساء اللواتي تعرضن لخسائر كبيرة وأصبحنا تحت الكثير من المسؤوليات ضمن مجتمع لا يملكن به الكثير من الفرص للنهوض بأنفسهن.
إذ تعيش حالة صراع من نوع آخر باعتبارها متطوعة بالخوذ البيضاء خاصة أن المتطوعين هدف دائم للهجمات والغارات الجوية والمزدوجة بسبب عملهم الإنساني، في أي لحظة قد تتحول آمنة من منقذ لضحية، لكن مع ذلك تستمر لأنها مؤمنة بأن الطريق الذي سلكته يحتاج للتضحية.
وذكرت لنا مقتطفات من حياتها قبل تطوعها في العمل الإنساني، حيث توقفت عن متابعة تعليمها مع بداية الانتفاضة السورية والحراك المطالب بالتغيير، بسبب ظروفها العائلية، وزادت الحرب من صعوبة الظروف، كل يوم كانت تحلم بالعودة إلى مقاعد الدراسة، كانت تعلم تماماً أهمية العالم لبناء سوريا ومستقبلها، إلا أنها وبدعم من زوجها تمكنت من العودة متابعة تعليمها، وتدرس الآن إدارة الأعمال وهي في السنة الثانية، وتقدر الدعم الذي يقدمه لها زوجها الذي أيد قرارها في العمل وشجعها أيضاً بالعودة لمتابعة التعليم، قد يكون هذا الأمر طبيعيا بالنسبة للكثيرين لكن في المجتمعات الريفية أو المحافظة حيث تقييد حرية النساء يتحول هذا الدعم لإلهام للآخرين وهذا ما حصل.
رغم الظروف الصعبة، تمكنت “آمنة” من بناء أسرة رائعة من خمسة أطفال، وتعيش مع أطفالها وزوجها في قرية بجبل الزاوية، والتي تتعرض لقصف مستمر بسبب قربها من خطوط الاشتباك، في كل صباح عند مغادرة منزلها تودع أطفالها، ولا تدري عندما تعود هل ستجد منزلها أم يكون قد تعرض لغارة جوية، بالنسبة للسوريين جميع المناطق خطرة وجميع المناطق تتعرض للقصف والهجمات الجوية.
تكافح اليوم “آمنة” وباقي زميلاتها من أجل جعل ظروف الحياة أفضل للسكان وأن ترفع من قدرات ومعنويات النساء في سوريا، وتحلم أن تتمكن من الحصول على شهادتها الجامعية، وأن تنتهي الحرب على السوريين، لكي تتمكن من العمل بشكل أكبر في الدفاع عن حقوق النساء بعيداً عن الاستجابات الطارئة، وفي بناء مستقبل سوريا والسوريين.
يذكر أن مؤسسة الخوذ البيضاء، تضم 306 متطوعة من النساء، في 39 مركز صحة نساء وأسرة متوزعة في معظم مناطق شمال غرب سوريا، تشمل عدة خدمات منها الإسعافات الأولية داخل المراكز النسائية من تغيير الضمادات الحروق والجروح وجلسات الرذاذ وقياس العلامات الحيوية وخدمات الصحة الإنجابية ورعاية الحامل ماقبل ومابعد الولادة.
إضافة إلى جولات الرعاية المنزلية في المخيمات التي تشمل تقديم الرعاية الطبية للمدنيين الذين لا يستطيعون الوصول للمشافي والمراكز الطبية، وتقديم جلسات التوعية حول عدة مواضيع تواكب الظروف الاجتماعية والمخاطر المحيطة بالمدنيين وتتوافق مع حاجات المجتمع.