للمرة الأولى يصل سعره صفيحة زيت الزيتون وزن 16 كيلو غرام، في محافظة إدلب شمال غربي سوريا إلى 90 دولار، بفارق كبير عن اسعار الأعوام الماضية بمعدل الضعف تقريباً، ما جعل قسم كبير من الأهالي عاجزين عن شراء مؤنتهم من الزيت هذا العام، والاكتفاء بكميات قليلة منه أو الاستغناء عنه كلياً، حسب قول من تحدثنا إليهم من الأهالي في المنطقة.
وتعد محافظة إدلب الأولى بين المحافظات السورية في إنتاج الزيتون، بمعدل 15 مليون شجرة زيتون عام 2010، ولكن تراجعت هذه الأعداد بشكل واضح في السنوات الماضية، بسبب الحرب ونزوح المزارعين و وتضاؤل مساحة الأرض الزراعية والتغير المناخي والقطع الجائر للأشجار، وخسارة مساحات واسعة بسيطرة النظام على ريف إدلب الجنوبي، وحرمان الأهالي من أراضيهم الزراعية.
وارتفع سعر الزيت منذ العام الماضي بشكل تدريجي، وكان سعر صفيحة الزيت العام الماضي يتراوح مابين 50 – 60 دولار، ثم ارتفع في شهر آب من العام الجاري إلى 70 دولار، ليصل اليوم إلى 90 دولار، بسعر صرف يصل إلى 28.7 ليرة تركية للدولار الواحد.
وعن سبب ارتفاع الأسعار قال “أبو عمر”، مزارع في مدينة أريحا لمنصة SY24، إلى قلة الإنتاج هذا العام مقارنة الأعوام السابقة، فضلاً عن زيادة تكاليف الإنتاج، وأجرة اليد العاملة، وأجرة المعاصر، وارتفاع أسعار الأسمدة و المحروقات، كما أثر ارتفاع أسعاره عالمياً على الداخل السوري.
هذه الأسعار الملتهبة كما وصفها أهالٍ في المنطقة جعلت كثيراً منهم يتخلى عن شراء الزيت، أواستبداله بالزيت النباتي الأبيض، أو خلط الاثنين معا لتوفير كمية كبيرة بسعر مناسب.
وفي ذات السياق تتذكر السيدة الخمسينية “أم سعيد” نازحة إحدى بلدات ريف إدلب الجنوبي إلى الشمال، إنتاج أرضها الوفير، والذي كان يصل إلى خمسين تنكة زيت، كل عام، بحيث تبيع منها كميات كبيرة، تقول: إنها “كانت توزع كميات كبيرة من الزيت على أولادها وأقاربها، وتضع خمس تنكات مؤنة لعائلتها، وتبيع الباقي، كحال معظم أهالي البلدة، أما اليوم فإنها تشتري الزيت بالكيلو وتخلط قسماً منه بالزيت النباتي رغماً عنها فهي لا تفضله في الطعام ولكنها مجبرة على ذلك”.
ويصل سعر كيلو الزيت من 5_6 دولار وهو مبلغ مرتفع جداً مقارنة بمستوى دخل السكان، وأجرة العمال إذ لا تتجاوز أجرة العامل 100 ليرة تركية أي ما يعادل 3 دولارات فقط، وهي غير كافية لتأمين احتياجات العائلة، وسط الغلاء المعيشي وارتفاع الأسعار وتدني مستوى الدخل لغالبية السكان.
بهذه الحال يقول من التقيناهم إن زيت الزيتون هذا العام يغادر موائدهم مثل كثير من الأصناف التي باتت خارج حسابات الأهالي قدرتهم الشرائية.