تعطلت عجلة إعادة الإعمار في مدينة الرقة خلال الأسابيع الماضية نتيجة ارتفاع أسعار مواد البناء بشكل كبير وعكوف أغلب متعهدي البناء عن العمل ريثما تعود الأسعار إلى ما كانت عليه سابقاً، الأمر الذي أثر بشكل مباشر على إيجارات المنازل التي ارتفعت هي الأخرى بسبب زيادة الطلب عليها وخاصةً مع عودة عدد كبير من الأهالي إلى المدينة في الفترة الماضية.
حيث تراوح سعر طن الحديد الأوروبي بين 750 و 850 دولار أمريكي، فيما بلغ سعر طن الحديد الوطني والمستعمل قرابة 600 دولار أمريكي، كما وصل سعر طن الأسمنت إلى أكثر من 100 دولار وتجاوز سعر البلوك حاجز الربع دولار للبلوكة الواحدة، كما ارتفعت أجرة العمال إلى أكثر من الضعف بسبب حالة الغلاء العامة التي تشهدها المدينة وعدم كفاية الأجرة السابقة مقارنةً بأسعار السلع والمنتجات الغذائية والتجارية.
مراسل منصة SY24 في الرقة أكد قيام عدد كبير من الأسر التي لا تستطيع تحمل تكلفة الإيجار في المدينة، قيامهم بشراء خيام صغيرة ونصبها في محيط المدينة أو داخل الساحات الفارغة في الأحياء السكنية، الأمر الذي يهدد بزيادة واضحة في عدد المخيمات العشوائية مع عدم قدرة “الإدارة الذاتية” على تحمل تبعات إقامة مثل هذه المخيمات.
المراسل أشار إلى أن معظم الأسر التي اتجهت إلى شراء الخيام أو نصبها في المدينة هي من العائلات النازحة القادمة من مختلف المحافظات السورية والتي لا تملك أي منزل أو عقار تستطيع المبيت فيه، كما أنها غير قادرة على تحمل تكلفة استئجار منزل وسط حالة الغلاء الفاحش في الإيجارات والتي لا تخضع لأي رقابة من قبل مجلس الرقة المدني.
“سعيد المحمد”، نازح من ريف ديرالزور الغربي ومقيم في مدينة الرقة، أكد قيامه “بنصب خيمته في إحدى الساحات الفارغة في مدينة الرقة، وذلك لعدم قدرته على استئجار منزل في المدينة وصعوبة عودته إلى منزله في القرية بسبب سيطرة قوات النظام والميليشيات الإيرانية على المنطقة بشكل كامل”، على حد قوله.
وفي حديثه مع مراسل منصة SY24 قال: إن “حركة البناء في المدينة توقفت بشكل شبه كامل بسبب ارتفاع أسعار المواد الرئيسية مثل الحديد والإسمنت والبلوك والتي باتت حكراً على بعض التجار المحليين المدعومين من قبل قسد، الأمر الذي تسبب بحالة جمود كبيرة في حركة البيع والشراء ورفع أيضاً أسعار الإيجارات، ما انعكس سلباً على المستأجرين الذين اضطر معظمهم إلى ترك منازلهم بعد رفع قيمة الإيجار لأكثر من الضعفين”.
وأضاف أن “توجه الأهالي إلى نصب خيامهم في أي مكان يستطيعون به ذلك على أمل حصولهم على أي نوع من المساعدات من قبل المنظمات الدولية العاملة في المنطقة ،أو تنظيم مخيماتهم على غرار ما تم مع قاطني مخيمات العدنانية وسهلة البنات والمحمودية وغيرها من المخيمات التي باتت الإدارة الذاتية هي من تشرف عليها بشكل مباشر”.
والجدير بالذكر أن مدينة الرقة قد تعرضت لدمار كبير في بنيتها التحتية بسبب المعارك الضارية التي شهدتها سابقاً بين تنظيم داعش من جهة و”قوات سوريا الديمقراطية” والتحالف الدولي من جهة أخرى، ما تسبب بتدميرها بنسبة وصلت إلى 90% من مجمل الأبنية والعقارات السكنية والتجارية، مع محاولات حثيثة من قبل مجلس الرقة المدني لترميم وإعادة تأهيل بعض الأبنية والمراكز بهدف إعادة الحياة لها بعد نصف عقد من الحرب شهدتها المدينة.