انقضى الشهر الثاني من العام الدراسي هذا الموسم ولم تحصل معظم المدارس في مدينة إدلب وريفها شمال سوريا على الكتب المدرسية المخصصة للتوزيع على الطلاب، والتي من المفترض أن توزع بداية العام الدراسي، ماسبب عبئاً على العملية التعليمية، فضلاً عن اضطرار كثير من الأهالي إلى نسخ الكتب بتكاليف مرتفعة، وسط أزمة اقتصادية ومعيشية خانقة تشهدها المنطقة.
“علي الأحمد” طالب الصف السادس في إحدى مدارس منطقة كفر لوسين شمال إدلب، يمضي معظم وقته على الهاتف الجوال لنقل وجل واجباته المدرسية، عبر مجموعة “واتس اب” أنشأها المعلم لإرسال الدروس والواجبات للطلاب بشكل يومي، بسبب انعدام وجود كتب مع الطلاب، باستثناء من عدد قليل قام بطبع نسخة على حسابه.
تقول والدة “علي” لمراسلتنا، إن نقل الواجبات المدرسية وقراءة الدرس عبر الجوال أمر مرهق للغاية، ولا يشجع الطالب على الدراسة، إضافة إلى نفاذ الشحن أغلب الأوقات وعدم المتابعة بشكل كاف المنهاج.
تضيف أنها على هذه الحال منذ شهرين، وعند سؤال إدارة المدرسة عن موعد تسليم الكتب للطلاب، كانت الإجابة بعدم قدرة التربية على تأمين الكتب، مع وعود مؤجلة بتدارك الوضع والسعي في كتب مستعملة لعدد من الطلاب.
وبدوره قال أحد المعلمين لمراسلتنا (تحفظ على ذكر اسمه) ، إن الوضع في المدارس سيء للغاية، فمعظم الطلاب لم يستلمون كتب هذا العام ولا العام الماضي، ومديرية التربية التابعة لحكومة الإنقاذ، تتنصل من مسؤوليتها في تأمين كتب الطلاب، متذرعة بانتهاء دعم المنظمات المانحة للقطاع التعليمي، ما تسبب بنقص في عدد الكتب الموجودة.
وذكر المعلم أن مشكلة نقص الكتب واحدة من عدة مشاكل تعاني منها المدارس في المنطقة، وقال إن انعدام التدفئة وتأمين المازوت للمدارس وسط انخفاض درجات الحرارة، مسألة لا تقل أهمية عن نقص الكتب، حيث تخلو معظم المدارس في إدلب وريفها ومناطق المخيمات من وسائل التدفئة، ويقضي الطلاب يومياً قرابة خمس ساعات في الصفوف المدرسية، دون وجود وسيلة تدفئة، تعدل درجات الحرارة المنخفضة.
وأضاف أن هذه الحال كفيلة بتعرض الطلاب ولاسيما الصغار إلى أمراض الزكام والرشح والأمراض الصدرية بسبب قضاء وقت طويل في البرد.
على خلفية ذلك، أكد عدد من الأهالي تحدثنا إليهم أن المدارس تعاني بشكل عام من نقص الخدمات العامة في خاصة تأمين وسائل التدفئة لأطفالهم، رغم أنهم دفعوا بداية العام الدراسي مبلغاً معيناً بقيمة 50 ليرة تركية عن كل طالب، تحت مسمى “التعاون والنشاط” والذي من المفترض أن يتم من خلاله تخصيص مبلغ معين لشراء مواد التدفئة ولو لفترة محددة في أوقات البرد الشديدة
يذكر أن الجهات المعنية في إدلب، وحكومة الأمر الواقع، تغض الطرف عن وضع التدفئة في المدارس ككل عام، دون وجود حل فعلي لتجاوز أشهر الشتاء بتأمين الوقود اللازم لإشعال المدافئ، التي تحتل حيزاً من الغرف الصفية ولكنها خارج نطاق الخدمة منذ زمن، ناهيك عن وجود نوافد مكسرة جراء القصف في السنوات السابقة، والتي تتسرب منها مياه الأمطار إلى الغرف الصفية.
وفي سياق متصل، كشف مكتب تنسيق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية “أوتشا”، في أحدث تقرير له أن 57 بالمئة من الأطفال شمال غربي سوريا لا يوجد لديهم وصول إلى المدارس الابتدائية، كما أن 80 % من الفتيان لا يملكون وصولاً للمدارس الثانوية.
وأكد أن حوالي 2.2 مليون طفل في سن المدرسة يقيمون في شمال غربي سوريا، منهم مليون واحد على الأقل خارج المدرسة، وخاصة في مخيمات النزوح بسبب الوضع المأساوي، وذكر التقرير أن هجمات النظام السوري خلال فترة التصعيد الأخيرة منذ 5 تشرين الأول الفائت، كانت الأسوأ على الأطفال في شمال غربي سوريا منذ عام 2019.
حيث تأثرت المدارس والمنشآت التعليمية والعديد من المرافق الحيوية، الأخرى بالقصف، وتضرر قرابة 24 منشأة تعليمية، وأدى القصف إلى تعليق الدوام لأسبوع كامل وذلك لأسباب أمنية، ونوه التقرير إلى أن التصعيد تسبب بموجات نزح جديدة شملت أكثر من 120 ألف شخص من بينهم 40 ألف طفل في سن المدرسة، وهم بحاجة إلى الدعم التعليمي.
يذكر أن الجهات المعنية في إدلب، وحكومة الأمر الواقع، تغض الطرف عن وضع التدفئة في المدارس ككل عام، دون وجود حل فعلي لتجاوز أشهر الشتاء بتأمين الوقود اللازم لإشعال المدافئ، التي تحتل حيزاً من الغرف الصفية ولكنها خارج نطاق الخدمة منذ زمن.