“كل إصرار نهايته النجاح”، تقول “ياسمين” وهي أم لثلاثة أطفال يتامى: إن شغفها لحياكة الصوف أوصلتها إلى مرحلة التميز والاحتراف، وأصبح العمل من داخل منزلها في أريحا مصدر رزقها لتعيل أطفالها بعد وفاة زوجها منذ سنوات في مدينتها خان شيخون.
تجلس السيدة الثلاثينية على كرسي بلاستيكي، تحت أشعة الشمس الدافئة، وإلى جانبها فنجان قهوتها وقطع من الشوكولا، وفي الجهة الأخرى كراتين من الصوف إحداها باللون الزهري والأخرى بيضاء اللون، وتحمل بيدها “السنارة” وقطعة صوف غير مكتملة الملامح بعد، توحي بأنها “كنزة” لطفل صغير.
نزحت “ياسمين” من مدينتها خان شيخون إلى مدينة أريحا، كمئات آلاف العوائل التي نزحت من القصف والموت، وخسرت مصدر رزقها وعملها، لتبدأ الصراع والبحث عن لقمة العيش في مكان نزوحها.
تقول في حديثها لمنصة SY24، إنها بدأت نسجها للصوف عند جارتها و تعلمت ذلك بعدة جلسات لرسمة واحدة ثم بدأت، بنسج قطع وملابس لأطفالها، وهنا بدا عملها بشكل متقن أكثر.
تابعت “ياسمين” تطوير عملها، فأصبحت تشاهد مقاطع لتعليم نسيج الصوف على برامج الإنترنت “اليوتيوب والفيسبوك”، وتحاول من خلالها تطبيق رسومات جديدة تلفت نظر زبائنها بتميزها.
تقول إنه “مع مرور الوقت أصبحت أنهي القطعة خلال ثلاثة أيام، ولكن الطلب كان قليلا جداً لعدم التسويق بسبب قلة معرفتي بالناس”.
مواقع التواصل سوق تجاري مفتوح على أوسع نطاق:
أصبحت مواقع التواصل مصدر جيد لتسوق السلع في المحلات التجارية، من خلال صفحات ومجموعات باسم المحل يعرض فيها بضاعته.
حاولت “ياسمين” تسويق منتجاتها، فبدأت تنشر صور من إنجازها عبر مجموعات وصفحات، وأنشأت صفحة خاصة بها على الفيس بوك تمكنت خلالها من لتواصل مع الزبائن وعرض أعمالها والرسومات التي تبدع بها “تكلمني الزبائن وتحدد الرسمة والألوان، وأنا أحدد الوقت لإنهاء القطعة”، حسب تعبيرها.
أسعار الصوف والفرق بين الصوف الآلي واليدوي:
مع بداية موسم الشتاء ينشط بيع “الدامات” وهي كرات الصوف، في المحلات التجارية المخصصة للصوف بكافة أنواعه وألوانه، وحسب ما ذكر “أبو غسان ” صاحب أحد محلات بيع الصوف أن ” سعر كرة الصوف يختلف حسب نوع الخيط فمنها ما يصل للدولار ونصف ومنها أقل أو أكثر، وهناك أنواع غالية الثمن تصل إلى 3 دولارات.
هذه الأسعار المرتفعة لخيوط الصوف قللت عدد المقبلين على الشراء بسبب الغلاء و تردي الوضع المعيشي للأهالي في المنطقة، ومع ذلك فإن للنسيج اليدوي زبائن تهوى هذا العمل كونه أكثر إتقاناً وتميزاً.
وترغب بعض الأمهات بصناعة الصوف بيدها، رغم الجهد والتعب والوقت التي تحتاجه كل قطعة كحال “أم خالد” التي تفضل الملابس لأطفالها من صنع اليد، رغم ارتفاع ثمنها مقارنة بالقطع الجاهزة الموجودة في السوق.
تقول في حديثها معنا “شغل الإيد عمره أطول من شغل الماكينة، وفيني عدل المقاس في حال صغر ع ولادي أو أرجع استخدم الصوف لقطع جديدة تناسبني”.
وتضيف وهي تمسك يدي بقوة وتشد عليها مع ابتسامة لطيفة: “أمهات سوريا جبارات، وشغلي بالصوف بدفي الجيب والجسد”.
يشار إلى أن الحرب الطويلة منذ سنوات أجبرت عدداً كبيراً من النساء السوريات على تعلم مهن وحرف جديدة، والعمل بها لإعالة أسرهن.