ارتفع معدل حالات الانتحار في الداخل السوري خلال عام 2023 بشكل غير مسبوق، وكشفت الإحصائيات الأخيرة سواء من مناطق سيطرة النظام، أو من الشمال السوري، عن كارثة اجتماعية لم تكن منتشرة في المجتمع بهذا الشكل من قبل.
وتصدرت أخبار حالات الانتحار في جميع المحافظات، العناوين في المواقع الإخبارية بشكل ملفت، حيث قضى يوم أمس شاب في العشرين من عمره من أبناء قرية البشيرية بريف إدلب الغربي، انتحاراً لأسباب مجهولة حسب ما تابعته المنصة.
وفي درعا أفاد الأنباء الأخيرة عن عثور على الشاب “علاء نضال زنيقة” مشنوقاً في منزله ببلدة معربة في ريف محافظة درعا الشرقي، وهو طالب جامعي يبلغ من العمر 19 عاماً، يدرس في جامعة دمشق، ورجحت مصادر مطلعة عن موته انتحاره بهذه الطريقة دون معرفة الدوافع الحقيقية لذلك.
ولخصت المرشدة النفسية “نجاح بالوش” عاملة في إحدى العيادات الصحة النفسية في مدينة إدلب، أسباب ودوافع الانتحار من خلال متابعتها حالات كثيرة لديها أفكار انتحارية.
وقالت في حديثها إلينا: إن “الحالة النفسية التي يصل إليها الشخص بسبب الضغوطات النفسية التي تواجهه، كاليأس والاكتئاب، هي أقصى حالات الضعف النفسي التي ربما تنتهي بالانتحار كما حدث لدى كثير من الحالات”.
وأضافت أن “الحرب وظروف النزوح وفقد الأشخاص لذويهم أو أطفالهم ساهموا بشكل مباشر في دخولهم بمرحلة نفسية معقدة، تنتهي بالتفكير بطريقة لإنهاء معاناة هذا الأشخاص بأي طريقة والهروب من الواقع عن طريق الانتحار”.
وأشارت إلى ضرورة متابعة الشخص الذي يملك أفكار انتحارية من قبل عائلته ومحيطه المقرب، والذهاب إلى عيادات الصحة النفسية والدعم النفسي، أو طبيب نفسي مختص لمساعدته في التخلص من فكرة الانتحار البحث عن حل منطقي لمعالجة المشاكل وتخفيف الضغوط النفسية.
كذلك أثرت الحالة الاقتصادية والمعيشية المتردية وانخفاض مستوى الدخل والغلاء غير المسبوق في انتشار ظاهرة الانتحار للخلاص من بؤس الواقع والفقر المدقع الذي يعيشه غالبية السكان في الداخل السوري
وسجلت مناطق النظام في أحدث إحصائية لحالات الانتحار هذا العام، نشرتها الهيئة العامة للطب الشرعي في دمشق، 127 حالة انتحار في مناطق النظام، متوزعة توزعت بين 85 حالة من الذكور و42 من الإناث، في جميع المحافظات السورية.
وذكرت الاحصائية حينها أن 66 حالة انتحار كانت عبر استخدام وسيلة الشنق، و 24 حالة بطلق الناري، و3 حالات عبر الطعن بآلة حادة، و17 عبر السقوط من ارتفاع شاهق، و16 حالة عبر استخدام السم، وحالة واحدة عن طريق تناول الحبوب.
أما في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، شمال غربي سوريا، فقد ارتفعت حالات الانتحار منذ بداية العام الحالي إلى 62 حالة بينها 34 حالة باءت بالفشل، وكانت المنطقة قد سجلت العام الماضي 88 حالة أيضاً حسب تقرير فريق منسقو استجابة سوريا.