كان عاماً مليئاً بالمآسي والكوارث الطبيعية والقصف والغلاء والهجرة، والأمراض، وازدياد معدلات الفقر، والأكثر قسوة مقارنة بالسنوات السابقة رغم سوئها أيضاً، حسب قول من تحدثنا إليهم من الأهالي في الشمال السوري.
“2023 أصعب سنة مرت عليّ، من تاريخ 6 شباط لحظة الزلزال وحتى اليوم”، تقول “رشا شيخ موسى” ناشطة إعلامية تقيم في مدينة سلقين إنها كانت إحدى ضحايا زلزال شباط بعد ما تضرر منزلها، وعاشت في سكن إيواء مؤقت مع عائلتها، وسط ظروف مناخية باردة، ومازال شبح الزلزال يلاحقها حتى اليوم.
نزوح تلو نزوح، وبحث عن الأمن والاستقرار أمضى آلاف الأهالي عامهم المنصرم، بعد أن قضى عدد كبير من السكان تحت أنقاض منازلهم في مناطق عدة من الشمال السوري إثر زلزال شباط، وسط استجابة معدومة من المنظمات العالمية وفرق الإنقاذ باستثناء جهود فرق الدفاع المدني السوري، والأهالي والمجموعات المحلية، حيث لم تدخل شاحنات المساعدات إلا بعد خمسة أيام من الزلزال.
أما بالنسبة للسيدة “نور محمود” عاملة في مجال الدعم النفسي في إدلب، تقول إنه “عام غير مأسوف عليه، فليذهب ويأخذ معه جميع الآلام التي سببها للسوريين”.
خسرت فيه كثير من أصدقائها وأهلها في القصف والزلزال والمرض أيضاً، واستقبلت كثيراً من حالات الصدمة النفسية، والضغط النفسي والإرهاق الذي كان سببه الأحداث الأخيرة التي عاشتها المنطقة وتركت أثرها على الأهالي بشكل واضح.
وعلى الجانب الآخر، عاين “أبو خالد زيدان” مقيم في منطقة دير حسان شمال إدلب تدهور الأوضاع المعيشية للسكان ولاسيما قاطني المخيمات من خلال عمله في إحدى المنظمات الإنسانية وزيارته الميدانية لعدد من المخيمات والمشاريع السكنية في ريف إدلب الشمال، يقول إنه “عام سيء على جميع المقاييس، فمن الناحية الاقتصادية تدهورت قيمة الليرة التركية مقابل صرف الدولار بشكل كبير حيث كان الدولار مطلع العام يعادل 18 ليرة تركية، أما اليوم مع نهاية العام فقد أغلق سعر الصرف على 30 ليرة تركية وهو ما شكل أحد أبرز التحديات بالنسبة لجميع الأهالي”.
وأضاف أن توقف المساعدات الإنسانية والإغاثية كان له تأثيراً سلبياً عليهم خاصة الفقراء وذوي الدخل المحدود الذين يعتمدون بشكل أساسي على السلة الشهرية في تأمين احتياجاتهم الغذائية أو بيعها وشراء حاجات ضرورية بثمنها، حيث كان قرابة 4 ملايين سوري من النازحين والمهجرين في المنطقة يعتمدون على السلة الغذائية المقدمة من الأغذية العالمي، وكان قد أعلن مطلع شهر كانون الأول الماضي عن توقف مساعداته في جميع أرجاء سوريا مطلع العام الجديد 2024، وذلك بسبب نقص التمويل.
باعتباره الأكثر دموية، ولاسيما في الأشهر الأخيرة مضى عام 2023 على السكان في الشمال السوري محملاً برائحة الموت والقصف القذائف المدفعية التي كان يوجهها النظام إلى المدنيين بشكل شبه يومي، رغم الهدنة المزعومة من قبل الأطراف الضامنة، يقول “حسن الحسان” متطوع في الدفاع المدني السوري لمنصة SY24 إنه خلال عام 2023 استجابت فرق الدفاع المدني السوري لـ 1298 هجوماً على مناطق شمال غربي سوريا، من قبل قوات النظام وروسيا وقوات موالية لهم، تسببت هذه الهجمات بمقتل 171 مدنياً بينهم 51 طفلاً و 24 امرأة، وإصابة 725 مدنياً بينهم 233 طفلاً و 99 امرأة.
وأشار إلى أن هذا العام مرّ على السوريين مثقّلاً بآلام وجراح مستمرة منذ سنواتٍ تجاوزت الـ 12 من حرب نظام الأسد وروسيا عليهم، وفاقمتها كارثة غير مسبوقة، وهو الزلزال.
وأضاف، أنه كان عاماً استثنائياً على السوريين ليس من ناحية المعاناة فحسب بل من حيث حجمها الذي تضاعف نتيجة الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا في الـ 6 من شباط وأدى لمقتل وجرح الآلاف السوريين وترك عشرات الألاف من دون مأوى لينضموا إلى أكثر من مليوني سوري مهجر في المخيمات بشمال غربي سوريا.
عامٌ آخر لاحق فيه إرهاب النظام السوريين في بيوتهم وخيامهم وأماكن رزقهم، واستمر جنباً إلى جنب مع روسيا في سلب الأرواح والسعي لتقويض الحياة ودفن الأمل بمستقبل أفضل للسوريين من خلال الهجمات الممنهجة والمتكررة بمختلف أنواع الأسلحة على مدار العام مستهدفاً الأحياء السكنية والمرافق العامة والمؤسسات التعليمية والطبية بل وحتى الأراضي الزراعية.