لاقت مشاريع زراعة الفطر إقبالًا في الشمال السوري كونه واحد من المشاريع الإنتاجية ذات المردود العالي، والتكاليف المتوسطة، بعدما أثبتت التجربة في السنوات الماضية نجاح الفكرة، كونها مصدر رزق جيد لصاحبها، بتكاليف مقبولة نوعاً ما، وإنتاج وفير، يغطي حاجة السوق، ويحقق اكتفاء ذاتي أيضاً تزامناً مع زيادة الطلب عليها، حسب تجارب من تحدثنا إليهم من المزارعين في المنطقة.
وانتقلت فكرة زراعة الفطر من التجارب الفردية إلى تبني شركات إنتاجية خاصة للمشروع، بوجود عشرات اليد العاملة وعدد من المهندسين المختصين، للإشراف على مساحات كبيرة زرعت بمادة الفطر، في مناطق عدة منها في ريف إدلب ومنها في منطقة عفرين.
مراسلتنا التقت المهندس “باسل سويدان” مدير عام شركة “غراس للتنمية والاستثمار الزراعي” في مدينة إدلب، والتي خصصت جزءاً من مشاريعها هذا العام لزراعة الفطر يقول: إنها “التجربة الأولى لهم في زراعة الفطر بهذا الحجم والمساحة، وسبق ذلك تجارب عديدة في زراعات متنوعة منها الحبوب والزيتون وغيرها من المشاريع الزراعية في المنطقة”.
يخبرنا” السويدان” أنه تم تخصيص أربع صالات بمساحة 80 متر مربع للصالة الواحدة، بحيث تصل سعتها إلى 15 طن من مادة “الكمبوست” وهو السماد العضوي الصناعي الذي يمكن الحصول عليه من تخمير البقايا النباتية كالتبن والحطب والعروش والسوق والأوراق وغيرها المخصص لزراعة أبواغ الفطر.
وأكد أنه تم استيراد مادة (الكمبوست) المزروع بأبواغ الفطر من تركيا، بتكلفة يكلف 6500 ليرة تركي مع أجور الشحن، والذي قد ينتج حوالي 300 كيلو فطر، موضحاً أن تكلفة الكيلو الواحد من الفطر تصل إلى 40 ليرة تركي، ليصل إلى مرحلة التسويق، ثم يباع في السوق بـ 65 ليرة تقريباً، وهذا ما يعد ذو مردود إنتاجي جيد نوعاً ما.
وفي حديث خاص مع “محمد حنوف” المهندس المشرف على مشروع الفطر قال: إن “زراعة الفطر تتطلب توفير بيئة مناسبة لنموه، وخاصة في المشاريع الكبيرة، حيث يجب توفير درجة معينة من الحرارة والرطوبة المناسبة، ويمكن تحقيق ذلك من خلال ضبط المكيفات الصناعية على درجات مناسبة، بالإضافة إلى الاهتمام بالنظافة والتعقيم والمكافحة المتكاملة من الأمراض والرطوبة والتهوية الجيدة”.
وأضاف أن وجود صالات مناسبة لزراعة الفطر مكنت من إمكانية إنتاجه في أي وقت، طالما هناك ظروف بيئة مناسبة يمكن تأمينها ضمن المكان، إلا أن هذا الأمر قد يتسبب بمضاعفة التكاليف الإنتاجية وزيادة الأعباء المالية من خلال تأمين الكهرباء اللازمة والوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية أيضاً، وقال إن الفترة المناسبة لزراعة الفطر بتكاليف منخفضة هي خلال أشهر الشتاء أي من شهر تشرين الثاني حتى شهر أيار.
يذكر أن زراعة الفطر دخلت إلى الشمال السوري خلال السنوات القليلة الماضية كنوع من المشاريع الزراعية الإنتاجية ذات المردود الجيد، وتطورت على يد مهندسين وأشخاص قاموا بالتجربة الفردية بمساحات صغيرة نسبياً، كنوع من التجربة، قبل أن تتطور وتصبح من المشاريع الاستثمارية الكبيرة، يقول المهندس “موسى البكر” في حديثه إلينا إن “المشاريع الموجودة في إدلب حاليا هي “مشاريع أكاديمية” من ناحية الاعتناء بكافة تجهيزات المشروع، وتأمين المكان والإنارة وتوزع المواد، ووجود الصالات الواسعة وغيرها من الإمكانيات الضرورية للمشروع بأفضل المعايير والطرق، وصولاً إلى إنتاجية معينة تحقق دخلا مناسباً لأصحابه وقد أمنت هذه المشاريع فرص عمل كثيرة، وحققت اكتفاء ذاتي في المنطقة.