مع بداية كل صباح يخرج” أبو عمر” من بيته قاصداً سوق الهال في مدينة أريحا، ليشتري الخضار والفواكه ويتجول بها ضمن سيارته الصغيرة مشغلاً “مكبر الصوت” وهو ينادي على بضاعته.
ويبدأ “أبو عمر” جولته في شوارع المدينة التي رأى فيها رزقه، وقد اعتاد أهالي المدينة على شراء حوائجهم منه بأسعار تناسبهم.
“أبو عمر” 52عاماً، نازح من بلدة “حاس” جنوبي إدلب ويقيم في مدينة أريحا، وهو معيل لستة أولاد، وقد عانى الكثير من الظروف الصعبة بعد أن نزح من بيته وترك أرضه التي كانت مصدر رزقه، ووجد العمل على سيارته حلاً مناسباً، بعد أن منعته بلدية المدينة من فتح “بسطة” داخل السوق لينال منها قوت يومه.
انتشرت السيارات الجوالة انتشاراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، وذلك بعد قرار حكومة الإنقاذ عام 2022، الذي ألغى عدداً كبيراً من البراكيات والبسطات داخل المدن.
يقول “أبو عمر” في حديثه معنا “أغلقت جميع الأبواب في وجهي، ولم يبقَ لي حل سوى هذه السيارة، وبالكاد يكفيني العمل عليها لتأمين مصروفي اليومي”.
ارتفاع إيجار المحلات التجارية والرسوم المفروضة من الحكومة، دفع البائعين لتحويل سياراتهم بما يناسب المهنة التي يعملون بها.
” أبو ربيع” 30عاماً، من مدينة إدلب ولديه أربعة بنات إحداهن من ذوي الاحتياجات الخاصة، عدّل سيارته لتكون مناسبة لمهنة نسخ وصناعة المفاتيح والأقفال.
يوضح “أبو ربيع” قائلاً “إيجار المحلات بإدلب يتراوح ما بين 200 و1000 دولار أمريكي، وذلك بحسب مكان المحل ومساحته، وهذا ما أجبرني على تعديل سيارتي لأتمكن من العمل بأقل تكلفة وبمصروف معقول”.
يتجول بعض الباعة في الشوارع الرئيسية للمدينة، والبعض الآخر اختار مكاناً ثابتاً بالقرب من السوق الرئيسي، وفي هذا الجانب يقول “أبو عمر” إن نوع مهنته يجبره على الاستقرار بمكان ثابت، ليكون معروفاً لدى الجميع” .
تبقى تكلفة شراء السيارة وتحويلها حسب المهنة التي يريدها البائع، تدفع لمرة واحدة ، على عكس دفع إيجار المحل كل شهر .
من جهته، “أبو محمد” 33عاماً، نازح من قرية الجانودية بريف جسر الشغور، قام بتحويل سيارته إلى محل لصناعة المعجنات والبيتزا متجولاً بها داخل مدينة إدلب، يقول لمنصة SY24 “اشتريت سيارة تشبه سيارة الإسعاف، وضعت داخلها الفرن وبقيت العدة التي أحتاجها، ولكن هذه العملية كلفتني مع سعر السيارة ما يقارب 3500 دولار أمريكي”، مشيرا إلى أن هذا المبلغ يدفعه أصحاب المحلات التجارية خلال أربعة أشهر بغض النظر عن الضرائب والرسوم التي تلحق بهم.
حددت حكومة الإنقاذ ضرائب ورسوم مادية تلحق بأصحاب المحلات التجارية في المدينة، أما بخصوص السيارات الجوالة، يخبرنا ” أبو بكر” 25 عاماً، الذي افتتح محلاً صغيراً في سيارته لبيع المشروبات الساخنة، أن “كل شيء له عجلات ويمشي على الأرض ليس عليه دفع ضرائب ولا رسوم، وهذا كان سبباً في تخفيف مصروف عملي”.
وبحسب استبيان يحدد نسبة البطالة والذي أجراه فريق “منسقو استجابة سوريا” العامل في الشمال السوري، بلغت نسبة البطالة 89%، ويعود ذلك لما يعانيه الأهالي من ظروف اقتصادية صعبة وقلة فرص العمل، بالإضافة إلى خسارتهم مساحة كبيرة من الأراضي الزراعية التي تعتبر مصدر دخل رئيسي للسكان.