العيش في قارورة ماء.. حال العوائل في مخيمات الشمال السوري

Facebook
WhatsApp
Telegram

SY24 -خاص

مضى قرابة أسبوع على أهالي المخيمات في الشمال السوري، تحت وطأة العاصفة المطرية الغزيرة التي ضربت المنطقة، وخلفت أضراراً كبيرة لحقت العوائل في عدة مناطق، فضلاً عن ارتفاع منسوب مياه نهر العاصي في ريف إدلب الغربي، وتسرب المياه إلى المنازل، وإغلاق عدة طرقات، بسبب تشكل السيول وتجمع مياه الأمطار حسب ما رصدته منصة SY24.

إذ تعيش مئات العوائل أوضاعاً كارثية جراء ذلك، تقول السيدة “منال” معلمة مدرسة، وهي أم لأربعة أطفال تقيم في مخيم “المنارة” في بلدة أطمة لمراسلتنا: إنها “محبوسة في غرفة واحدة هي وعائلتها منذ خمسة أيام، إذ أن المياه تسربت إلى غرفهم المسقوفة بشادر قماشي كحال كثير من العائلات في المخيم، وحرمتهم من الدفء والنوم، و أمضت العائلة ليال قاسية وباردة لم تنقطع فيها الأمطار والسيول”.

“لا كلمات تصف الواقع المزري الذي تعيشه العوائل في المخيمات شمال سوريا”، يقول عدد من الأهالي تحدثنا إليهم، إن هذه المعاناة متجددة كل عام، بسبب انعدام البنية التحتية في المخيمات التي بنيت بشكل عشوائي منذ عشر سنوات كاستجابة طارئة وسريعة للنازحين، أما اليوم فهي غير مهيأة للسكن أو مقاومة الظروف المناخية والأمطار والعواصف، كما يحدث الآن.

ليس هذا فحسب، بل إن المياه المتسربة للمنازل، التي أغرقت عدداً منها، جعل عوائل كثيرة تنزح بشكل مؤقت إلى مناطق أخرى، مثل المدن والبلدات المجاورة، إلا أن تزامن موسم الامتحانات المدرسية منع “منال” وعائلات أخرى من مغادرة أماكن سكنهم وانتظار انتهاء الفحص النهائي للفصل الأول هذا العام.

تقول “منال” في حديثها إلينا: إنها “تلقت عدة دعوات من أهلها وأقاربها لمغادرة منزلها مؤقتاً مع أطفالها إلى حين انتهاء العاصفة، غير أن عملها في المدرسة، وامتحانات أطفالها جعلتها تتحمل الظروف القاسية، وتبقى في منزلها البارد.

كما لم تستطيع الجدران المتشققة في المخيمات من منع مياه الأمطار من الدخول إليها، تماما مثل الخيام القماشية، ما يجعل مكان السكن أشبه بقارورة ماء باردة حسب وصف “زهرة” 34 عام، مقيمة في مخيمات “تل الكرامة” شمال إدلب.

تقول “زهرة” إن منزلها يغرق بالمياه كل عام، ولكن هذه المرة كان الوضع كارثياً، فالمياه تجمعت في أرض المنزل وبللت الوسائد والسجاد و”الفرش”، وحتى ملابس الأطفال، حيث تقوم بتبديل ملابسهم كل ساعتين، خشية إصابتهم بالمرض والزكام، إذ تزداد المعاناة بوجود الأطفال بشكل كبير.

تمضي “زهرة” وكثير من الأمهات، ساعات طويلة في إخراج المياه المتجمعة داخل منازلهن أو خيامهن، كأحد الحلول المتوفرة لديهن، كما يضعن قطع “اللبْن” في الأرض للتنقل عليها لتجنب المياه التي تغمر منازلهن، في حال الذهاب من غرفة إلى أخرى إلى حين إخراج كمية المياه المتجمعة.

يتشابه هذا المشهد في مخيمات كثيرة من ريفي إدلب وحلب شمال سوريا، وقد يبدو اعتياديًا في الشاشات ومواقع التواصل الاجتماعي، التي تكتفي بنقل الصورة دون القدرة على إيجاد حلول جذرية لهذه المأساة.

وبحسب تقرير منظمة “الخوذ البيضاء” يوم أمس الأربعاء 17 كانون الثاني الحالي، قال إن “الأضرار لحقت بأكثر من 525 خيمةً ضمن 43 مخيماً للمهجرين والناجين من الزلزال، وفي مرافق عامة ومنازل المدنيين، وطرقات حيوية، ومزارع وبساتين، جراء منخفض جوي ثانٍ خلال أسبوع والثالث خلال فصل الشتاء، أثر على المنطقة، وعمق فجوة الاحتياجات الإنسانية شمال غربي سوريا”.

وأشار التقرير إلى أن أضرار العاصفة المطرية تركزت بشكل كبير في مناطق ريف إدلب الغربي والمخيمات فيها، بسبب ارتفاع منسوب مياه نهر العاصي جراء الهطولات المطرية الغزيرة، وفتح عدة سدود على النهر، وفيضان عدة مجاري مياه رافدة للنهر في مناطق الزوف والحمبوشية وعين البيضا ودركوش وخربة الجوز في ريف إدلب الغربي.

مقالات ذات صلة