شهد الشرق الأوسط انقلابات وثورات وغزواً خارجياً وحروباً بالوكالة، إلا أنه لم يشهد من قبل صراعاً مباشراً بين دولتين إقليميتين منذ الثمانينات حيث يبدو الخطر المتنامي للمواجهة بين إسرائيل وإيران أقرب من أي وقت مضى.
وبين تمركز القوات الإيرانية في سوريا والضربات الجوية التي تنفذها إسرائيل على هذه القوات، يرصد تقرير جديد لـ(بلومبيرغ) ردود الفعل المحتملة على ما أسماه “الحرب التي تنتظر الشرارة” بين القوتين الإقليميتين على أرض سوريا.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي (أفيغدور ليبرمان) هدد بتدمير كل موقع ترى إسرائيل فيه محاولة لتمركز الإيرانيين، معتبراً “أن النظام الإيراني يعيش أيامه الأخيرة”.
وفي طهران، قال (حسين سلامي) نائب قائد الحرس الثوري، إن “100,000 صاروخ مستعد للطيران” في اتجاه إسرائيل وحذر من نتائج الصواريخ التي ستسبب بـ “الفناء والانهيار”.
شرارة الحرب
تبادلت إيران وإسرائيل التهديدات فيما بينهما لعقود، الجديد الآن، بحسب التقرير هو الحرب السورية التي اجتذبت الطرفين، إلى معركة تقع على أبواب إسرائيل بدلاً من أن تدور في الداخل الإيراني.
ويقول المسؤولون الإسرائيليون إن 80 ألف مقاتل في سوريا يتلقون أوامر مباشرة من إيران، وبينما يقاتل “حزب الله” إلى جانب (الأسد)، ينتشر رجالاته على بعد بضعة كيلومترات من مرتفعات الجولان، كما أن إيران تعهدت بالانتقام لمقتل عناصر تابعة لها نتيجة للغارات الجوية الإسرائيلية، ولديها بحسب التقرير الكثير من الخيارات للقيام بذلك.
وقال (عوفر شلاخ) العضو في لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست ” أنا قلق من احتمال إشعال حرب في الجولان يصل نارها إلى طول البحر”.
وبالنسبة لغياب الولايات المتحدة عن المشهد يقول (شلاخ) “لا يمكننا تمثيل مصالحنا إلا من خلال القوة”.
ورداً على السؤال الذي وجه للمتحدثة باسم البنتاغون (دانا وايت) حول التوتر بين إسرائيل وإيران قالت “إن الولايات المتحدة تشعر بالقلق من التصرفات الإيرانية التي تزعزع استقرار المنطقة” وأضافت في مؤتمر صحفي يوم الخميس “أينما وجدت إيران، وجدت الفوضى”.
بين إيران وإسرائيل
مع غياب الدور الأمريكي، تبقى روسيا القوة الوحيدة التي لديها اتصال مع الطرفين، وهي الوحيدة التي يمكنها لعب دور الوسيط في سوريا.
ولمعرفة المدى الذي يمكن فيه لـ(بوتين) كبح جماح القوات الإيرانية، قالت الصحيفة إن أساس التدخل الروسي في سوريا والذي جاء كدعم لنظام (الأسد) لذا تميل كفة مصالح روسيا إلى إيران أكثر منها إلى إسرائيل، فالقوات البرية الإيرانية هي التي أدت لنجاح مناورة (بوتين) في سوريا.
ومع ذلك، يرى التقرير أنه لتنجح روسيا في استراتيجيتها في السيطرة على جنوب سوريا، حيث يوجد تنظيم “داعش” والثوار ومجموعات قتالية أخرى، عليها التعامل مع إسرائيل للقضاء عليهم.
وقال (يوري بارمين) خبير الشرق الأوسط في مجلس الشؤون الدولية الروسي الذي يقدم المشورة للكرملين “قبل أن يسيطر الروس على الجنوب عليهم التنسيق مع الإسرائيليين” وأضاف أن روسيا “مستعدة للتفاوض بشأن الوجود الإيراني” في تلك المنطقة.
هذا التعاون، وإن تم بين إسرائيل وروسيا، إلا أنه وبحسب التقرير ليس كافياً لاحتواء المخاوف الإسرائيلية التي تمتد إلى ما وراء الحدود.
مواجهة بين إسرائيل وروسيا؟
وقال (عاموس جلعاد) الذي عمل مؤخرا كمدير للشؤون السياسية – العسكرية في وزارة الدفاع الإسرائيلية في إشارة للتواجد الإيراني في سوريا “تراه بمجرد النظر على بعد عدة كيلومترات من الحدود” وأضاف قائلاً “لا يمكن السماح لإيران بأن تقيم قاعدة عسكرية في سوريا. وإسرائيل عازمة على منع ذلك”.
وحول ما إذا كانت الضربات التي توجه لإيران، ستؤدي إلى صدام مع روسيا، أجاب (ليبرمان) “ابدأ” مؤكدا “أنه لن يكون هناك أي مواجهة مع الروس”.
وفي بيروت، قال (سامي نادر) الباحث في معهد المشرق للدراسات الاستراتيجية إن روسيا لا تعارض أي هجوم إسرائيلي على المواقع الإيرانية في سوريا بشرط ألا يهدد الهجوم بإسقاط نظام (الأسد) والذي يعد “ورقة روسية قوية على طاولة المفاوضات”.