كثّفت الميليشيات الموالية لإيران من عملياتها العسكرية في الأسابيع الماضية ضد القوات الأمريكية في سوريا والعراق، ووصلت حد استهداف إحدى قواعد الجيش الأميركي ما أسفر عن مقتل واصابة جنود أمريكيين، في ذات الوقت شهدت المناطق التي تنشط فيها خلايا داعش ارتفاع وتيرة الهجمات ضد قوات التحالف الدولي وشركائه، وأوعز ناشطون السبب أن تنظيم داعش يستغل انشغال التحالف عن هدفه الرئيسي بمحاربة تنظيم داعش بعد هجمات الميليشيات الإيرانية للقواعد الأمريكية في سوريا والعراق.
وتثير تلك التطورات من قبل ميليشيات إيران، تساؤلات حول توازن في عمليات التحالف الدولي ضد داعش وإيران، وأهمية هذا التوازن في تحقيق الاستقرار في سوريا.
ولفت مراقبون إلى أن تنظيم داعش بدأ يستغل الكثير من العوامل لتنفيذ هجماته المباغتة انطلاقا من البادية السورية، سواءً ضد قوات النظام السوري وميليشياته أو حتى ضد قوات قسد شرقي سوريا، إضافة إلى النشاط الملحوظ لخلايا داعش في المنطقة.
وحول ذلك قال الخبير الاستراتيجي العقيد أحمد حمادة لمنصة SY24، إن “قوات التحالف الدولي دائما توازن ما بين الخطر والخطر الأكبر فتلاحق الأخطر دون الركون للخطر الأساسي”.
وأضاف حمادة أن “تنظيم داعش متواجد كبقايا يقوم بتنفيذ بعض العمليات، وبالتالي الملاحقة له تكون وفق خرائط السيطرة، فالولايات المتحدة شكلت تحالفا ضده، ولكن تتعرض اليوم لضربات من قبل عصابات إيران”.
وتابع “لا أتوقع بأن التحالف سيتجاهل خطر داعش ولديه القدرة على تنفيذ ضربات على اتجاهات عدة، منها داعش وميليشيات إيران”.
وتتركز مناطق التوتر بين التحالف الدولي والميليشيات في المنطقة الشرقية، حيث تتصاعد الهجمات التي تستهدف قواعد التحالف من قبل الميليشيات الإيرانية.
كما يتركز التوتر في المنطقة الجنوبية، خاصة وأن الميليشيات تتمركز في العديد من المواقع في المنطقة الجنوبية، بما في ذلك محيط مدينة دمشق ودرعا والقنيطرة، يضاف إليها تمركز الميليشيات الإيرانية في العديد من المواقع في المنطقة الوسطى، بما في ذلك مدينة حمص ومطار التيفور العسكري.
وقد كثّف التحالف الدولي من عملياته ضد الميليشيات الإيرانية في سوريا، مؤخراً، مستهدفًا مواقعها ومخازن أسلحتها، ردًا على الهجمات التي تعرضت لها قواعده من قبل هذه الميليشيات، بالمقابل عمل تنظيم داعش على زيادة تحركاته في مناطق متفرقة من البادية السورية، حيث نفذ هجمات على مواقع لقوات النظام السوري وقوات سوريا الديمقراطية.
ويرى مهتمون بملف التطورات في سوريا، أن محاربة داعش وإيران في سوريا مسؤولية مزدوجة لا يمكن إهمال أي منهما، مؤكدين أن تركيز التحالف الدولي على محاربة الميليشيات الإيرانية دون داعش قد يُعطي التنظيم فرصة للعودة بقوة، بينما قد يؤدي تركيزه على محاربة داعش دون إيران إلى تمكين الميليشيات الإيرانية من توسيع نفوذها في سوريا، وفق تعبيرهم.
وحول ذلك، قال الناشط السياسي وابن المنطقة الشرقية علوان زعيتر لمنصة SY24، إن “التحالف الدولي ضد التموضع الاستراتيجي للميليشيات الإيرانية”، لافتا إلى أن داعش وإيران وجهان لعملة واحدة، حسب وصفه.
وزاد قائلا، إن “التحالف الدولي عندما يضرب الميليشيات الإيرانية فكأنه يقوم بتوجيه الضربات إلى تنظيم داعش، والعكس صحيح”، مؤكداً على أهمية التوازن في عمليات التحالف الدولي سواءً ضد داعش أو حتى ضد إيران وميليشياتها وأذرعها في المنطقة، وخصوصا المنطقة الشرقية، حسب رأيه.
وينبّه كثيرون أن المؤشرات على أرض الميدان تشير إلى أن الميليشيات الإيرانية تلعب دورًا حاسمًا في عودة داعش إلى سوريا، وبالتالي من المهم أن يستمر التحالف الدولي في التصدي لها واتخاذ التدابير اللازمة للحد من تأثير الميليشيات الإيرانية وضمان استقرار المنطقة، وفق رأيهم.
وأجمع محللون على أن تحقيق التوازن في عمليات التحالف الدولي ضد داعش وإيران في سوريا أمراً ضرورياً لضمان هزيمة الطرفين بشكل نهائي وتحقيق الاستقرار في سوريا، وخاصة في المنطقة الشرقية والبادية السورية.
ووسط كل ذلك، تُجمع آراء المحللين والمهتمين بتطورات البادية والمنطقة الشرقية على أن عودة ظهور تنظيم داعش في سوريا تشكل تحديات أمنية وإنسانية خطيرة، من بينها: تهديد أمني محلي، وتأثير إنساني،وتزايد في أعداد النازحين واللاجئين، وانتهاكات حقوق الإنسان، مما يعني تعرض السكان للخطر، وتأثير على عمليات الاستقرار في المنطقة.
وحذّر مراقبون من أن التواجد الإيراني قد يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة، كما قد يؤدي إهمال العمليات الأمنية التي ينفذها تنظيم داعش إلى موجات نزوح جديدة، وانتشار الفوضى، وازدياد حدة الأزمة الإنسانية في سوريا.