أكثر من ثماني سنوات على افتتاح تجمع مدارس “إرادتي” التعليمية في منطقة أطمة شمال إدلب، وهو مركز تعليمي خاص بالطلاب الأيتام، يقدم خدماته التعليمية بمواصفات نموذجية تنافس المدارس الخاصة وبشكل مجاني، إذ يستقبل الطلاب من الصف الأول وحتى المرحلة الثانوية، على ثلاث مراحل وهي الحلقة الأولى والثانية والمرحلة الثانوية بفرعيها العلمي والأدبي.
يشيد كثير من ذوي الطلاب في المدارس بحصول أبنائهم على مستوى عال من التعليم بوجود كادر متميز أمنّ لهم بيئة تعليمية متكاملة، وبشكل مجاني بالوقت الذي يعاني كثير من الأهالي من ارتفاع أقساط المدارس الخاصة، ولاسيما للشهادتين الإعدادية والثانوية، إذ يصل أقل قسط في المدارس الخاصة من 20_40 دولار شهرياً، وسط تردي الواقع المعيشي والاقتصادي لغالبية السكان في المنطقة، فضلاً عن هشاشة القطاع التعليم العام بسبب ضعف وقلة الدعم المقدم الذي أثر بشكل واضح على العملية التعليمية في الشمال السوري.
للحديث أكثر عن المدرسة التقت مراسلة SY24 المعلمة والإدارية “شام أيوب” التي أكدت أن تجمع مدارس إرادتي بأبنيتها الثلاث هيأت للطلاب الأيتام بيئة تعليمية منافسة من ناحية المستوى التعليمي والكادر المتميز والتفوق الذي شهدته خلال السنوات الماضية، حيث نال عشرات الطلاب فيها على درجات شبه تامة وحصلوا على المراكز المتقدمة في الشهادتين الإعدادية والثانوية العام الماضي.
تضيف “أيوب” أن التعامل مع فئة الأيتام أمراً بالغ الصعوبة والحساسية فأغلب الطلاب قد فقدوا والديهم بالحرب، وبعضهم فقد أحد الأبوين وكلاهما يحتاجون رعاية خاصة، واحتواء من قبل المعلمين /ات بحيث يشعر الطالب بالحب والأمان لينطلق نحو التفوق والإبداع حسب قولها، تخبرنا من خلال تجربتها في التعليم والاحتكاك اليومي مع الطلاب، أنها قد تكون أماً ومعلمة في أن واحد أثناء وجودها مع الطلاب خاصة المرحلة الابتدائية.
أنشأت مدارس “إرادتي ” في منطقة أطمة شمال إدلب قرب الحدود التركية، حيث هناك واحد من أكبر تجمع المخيمات في المنطقة يضم مئات آلاف الأهالي النازحين والمهجرين في الشمال السوري، وكان بمثابة الشمعة التي أضاءت عتمة الجهل والأمل الذي أعاد للطلاب الأيتام فرصة متابعة تعليمهم وسط الظروف القاهرة التي يعيشونها.
تضم المدرسة أكثر من ألف طالب وطالبة، مقسمين على فوجين صباحي ومسائي، لاستيعاب العدد الكبير، موزعين في ثلاث أبنية للمراحل الثلاث، بوجود 62 معلم/ة وكوادر إدارية، تقول: أيوب إنه “فضلاً عن المنشآت التعليمية، خصصت جمعية إرادتي الراعية لمشروع المدرسة بناءً للدعم النفسي بوجود كادر متخصص وطبيب وفريق دعم نفسي مكون من 10 أشخاص، مهمته مساعدة الطلاب والكادر التدريسي وحتى ذوي الطلاب على مواجهة أي مشكلة نفسية بطريقة سليمة، أو حدث صادم قد يتعرضوا إليه”.
وحرصت المدرسة على وجود عيادة طبية بوجود 14 شخص من الكوادر الطبية بمختلف الاختصاصات مثل الهضمية والداخلية والعظمية، ومعالجة فيزيائية، تابعة للمدارس أيضاً وجاهزة لاستقبال أي حالة مرضية خلال الدوام المدرسي لأي من الطلاب.
تقول والدة إحدى الطالبات اليتامى في المدرسة: إنها “تشعر بأمان تام عند إرسال ابنتها إلى المدرسة خاصة أنها مجهزة بأدق التفاصيل التي تراعي كافة الظروف لتوفير بيئة تعليمية آمنة وسليمة للأطفال، وأشادت بأهمية المواصلات المؤمنة للأطفال خاصة في منطقة المخيمات، وهذا ما وفّر على الأهالي كثيراً من التكاليف والشعور بالطمأنينة أثناء ذهاب وإياب الأطفال من المدرسة إلى المنزل خاصة في الشتاء والبرد”.
حيث حرم الأطفال السوريين خلال سنوات الحرب من كافة حقوقهم في الحياة الآمنة ومتابعة التعليم واللعب وغيرها الكثير ناهيك عن مقتل عدد كبير منهم في قصف النظام، وقدر تقرير لفريق منسقو استجابة سوريا عدد الأطفال الذين يتمتهم الحرب من 2015 _2020 خلال وفق هيئة الإغاثة الإنسانية (IHH) بما يزيد عن 600 ألف طفل معظمهم يعانون ظروفاً معيشية واقتصادية صعبة في الشمال السوري.
