موجة جديدة من مرض الجرب الجلدي تنتشر في مناطق عديدة بالشمال السوري، لاسيما في التجمعات السكنية العشوائية والمخيمات ومراكز الإيواء، في ظل غياب مقومات الرعاية الصحية المقدمة، ونقص المياه المعقمة والنظيفة، فضلاً عن ارتفاع تكاليف العلاج.
أصيب ثلاثة من أولاد “أم أحمد” المقيمة في مخيم سكني بمنطقة كفر لوسين شمال إدلب، بمرض الجرب المعدي الذي انتقل إليهم تباعاً من أحد الأطفال بالمخيم، كونه سريع العدوى وينتشر بشكل كبير ويحتاج إلى تدابير عدة للوقاية منه في حال وجود شخص مصاب في العائلة أو بين الجيران في المخيمات والمشاريع السكنية الحديثة التي تتميز بقرب الكتل من بعضها بشكل كبير.
تقول “أم أحمد” في حديثها إلينا: إنها “منذ أسبوع تقريباً تعاني من مرض أطفالها، وقد تأزمت حالتهم لعدم تأمين الدواء اللازم لعلاجهم، فهو يحتاج عدة أودية ومعقمات ومراهم غالية الثمن، لذا لجأت إلى استعمال “الخل” كبديل عن المعقمات، واعتمدت على غلي الملابس وتعقيمها في الشمس، ما تسبب بطول مدة علاجهم”.
ويعد الجرب مرض طفيلي جلدي، تسببه حشرة صغيرة لا ترَ بالعين المجردة، تعيش على طبقة الجلد الخارجية، وعند إصابة الشخص فيها، تسبب حكة شديدة خاصة أثناء النوم، وينتشر المرض في منطقة الإبطين وبين الأصابع وفي الأعضاء التناسلية، مسبباً تقرحات جلدية مؤلمة.
يقول الصيدلاني “مالك” لمراسلتنا إن علاجه يحتاج مدة تتراوح بين 10_15 يوم، مع الحفاظ على استعمال الأدوية المعقمات اللازمة، وضرورة عزل الشخص المصاب، والابتعاد عن استعمال أدواته الخاصة من قبل باقي أفراد الأسرة، وغلي ملابسه والوسائد والأغطية بشكل يومي لضمان موت الحشرة وعدم انتقالها إلى أشخاص سليمين.
حاولت “أم أحمد” الاستعانة بوصفة طبية من إحدى جاراتها كان قد أصيب طفلها منذ فترة وتحسنت حالته بسرعة بعد علاجه، ولكنها عجزت عن شرائها بسبب تكلفتها العالية التي تصل إلى 600 ليرة تركية أي ما يعادل 20 دولار، في حين أنها غير قادرة على تأمين ربع المبلغ، واكتفت بشراء صنفين من الدواء فقط.
كحال “أم أحمد” تعجز كثير من العوائل عن تحمل تكلفة شراء الأدوية وعلاج أطفالهم من أي مرض كان، ويعتمدون على وسائل تقليدية في العلاج مثل الأعشاب الطبيعة واستعمال الملح والماء كمعقم، وسط تردي الوضع المعيشي لغالبية السكان في المنطقة.
وتعد الكثافة السكانية العالية في المخيمات أحد أبرز أسباب انتشار الأمراض الجلدية ضمن تجمعات السكنية المزدحمة، الذي جعل انتشار أي مرض أمراً سهلاً، بسبب افتقارها للبنية التحتية والخدمية.
ومن الأسباب أيضاً التي رصدتها منصة SY24، انتشار ظاهرة الصرف الصحي المكشوف ضمن مخيمات النازحين، الأمر الذي يزيد من معاناة النازحين، حيث تبلغ نسبة المخيمات المخدمة بالصرف الصحي 37% فقط من إجمالي المخيمات، في حين أن المخيمات العشوائية بالكامل لا تحوي هذا النوع من المشاريع.
فضلاً عن غياب المياه النظيفة والصالحة للشرب عن 47% من مخيمات النازحين، حيث وصلت أعداد المخيمات غير المخدمة بالمياه أكثر من 658 مخيماً حسب آخر بيان لفريق منسقو استجابة سوريا حول الموضوع.
وكشف التقرير عن زيادة الأمراض الجلدية ضمن المخيمات نتيجة عوامل مختلفة أبرزها انتشار الحشرات واستخدامات المياه ، حيث سجل أكثر من 22% من إجمالي المخيمات تحوي بين سكانها مصابين بأمراض جلدية، إضافة إلى تزايد الإصابات المسجلة بفيروس كورونا ومرض الكوليرا نتيجة ضعف توريد المياه النظيفة وارتفاع أسعار صهاريج المياه نتيجة انقطاع المحروقات.