تعيش منطقة إدلب في شمال غرب سوريا حالة من التوتر بالتزامن مع خروج مظاهرات حاشدة ضد هيئة تحرير الشام، والحديث عن مقتل أحد الأشخاص تحت التعذيب في سجون الهيئة.
وطالب المتظاهرون في مناطق متفرقة ومنها مدينة سرمدا بريف إدلب، بمحاسبة رموز الهيئة المتورطين في الانتهاكات بحق المدنيين في المنطقة، وفق مصادر محلية متطابقة.
ورفع المتظاهرون لافتات كتب على أحدها “نريد قضاء مستقل يحاكم القوي قبل الضعيف والقائد قبل الجندي”، في حين بدأ آخرون بإيصال رسائل قوية للجولاني جاء فيها “لقد انتصرت في كل معاركك ضد المسلمين وهُزمت في كل معاركك ضد الكفار، وانتصرت في تحصيل الضرائب والمكوس من المسلمين وهُزمت وحُرمت الغنائم من الكفار، ولقد انتصرت في احتواء المرقعة والمرتزقة وخسرت الصادقين والمؤمنين”.
وتزامنت المظاهرات الغاضبة مع الحديث عن مصير أحد عناصر الجيش الحر الذي قُتل تحت التعذيب في معتقلات “الأمن العام” التابع لهيئة تحرير الشام، حيث تم دفن جثمانه في مقبرة حربنوش ونقله أهله لاحقًا إلى قريتهم.
وذكرت مصادر محلية أن الشخص المذكور كان قد مضى على وفاته عدة أشهر، حيث تم اعتقاله بتهمة العمالة ولكن ثبت مؤخرًا براءته، لافتين إلى أن مصير الكثير من المعتقلين في سجون الأمن العام ما يزال مجهولًا حتى الآن.
وأثارت “جريمة القتل تحت التعذيب” المذكورة سخط عدد من أبناء منطقة إدلب، معبرين عن ذلك بالقول “يوجد عند هيئة الجولاني مسالخ بشرية أبشع من صيدنايا وتدمر والشهادات والأدلة أكثر من أن تُذكر”، في حين رفع متظاهرون آخرون لافتات كتب عليها “صدق الجولاني حين قال لا يوجد لديه سجون، فالحقيقة لديه مسالخ بشرية وليست سجون”.
كما هتف المتظاهرون أيضا “يسقط الجولاني”، لافتين إلى أن تعذيب المرابطين والقادة وقتلهم بالسجون تم بأمره شخصياً، بحسب المصادر.
وسبق خروج المظاهرات الشعبية انتشار أمني ملحوظ لهيئة الجولاني في سرمدا، مع قطع جميع الطرق المؤدية لدوار سرمدا لإفشال المظاهرة الشعبية ضد ممارساتهم بالسجون، بحسب ذات المصادر.
وقال ناشط سياسي من منطقة إدلب لمنصة SY24، إن “المظاهرات تدل بشكل خاص وما يجري بشكل عام داخل الهيئة وفي المحيط الذي تسيطر عليه، إلى أن الجهات والمؤسسات التي أوكلت لها إدارة المهام والمسؤوليات أساءت استخدام السلطة الممنوحة لها، وحاولت إيجاد نفوذ وسطوة خاصة بها ضمن هيكل الهيئة العام، وقد يكون ذلك بدوافع شخصية، أو تحريك من فواعل وأطراف خارجية”.
وأضاف “بالمقابل تجد الشريحة الاجتماعية التي أضرت بها سياسات الهيئة على مختلف الصعد الفرصة مناسبة نظرا لما تمر به الهيئة (مرحلة ضعف) وتقوم بالتحرك ضد الهيئة سلميا، لإنهاء المظالم التي طالتها والتجاوزات التي أقدمت عليها الهيئة بعد أن تابعت التنازلات التي قدمها الجولاني للمعتقلين بحجة العمالة”.
وبخصوص قتل المعتقلين تحت التعذيب، أوضح الناشط السياسي أنه “غالبا ما كان يتم الاعتقال دون الإعلان عنه، ويتم تخمين اختفاء ناشط أنه عند الهيئة، لكن الآن بعد مقتل أحد المعتقلين تكون هذه الحادثة بمثابة تثبيت عليها بإقدامها على الاعتقال والقتل داخل سجونها، وبالتالي ونظرا لما تمر به داخليا تشجع الأهالي وذوي المعتقلين بمطالبة الهيئة للإفراج عنهم”.
وتداولت بعض المصادر المحلية الأخرى أخباراً تفيد بأن “مجموعات من جهاز الأمن العام وبأمر من الجولاني بدأت قبل أيام بالاتجاه إلى عدة مقابر جماعية على أطراف إدلب، وبدأت بتغيير أماكن الجثث التي تم تصفيتهم داخل سجون الهيئة تحت التعذيب ودفنهم دون علم ذويهم”.
كما تداول آخرون مطالبات بـ “تنازل الجولاني عن قيادة هيئة تحرير الشام وتعيين شخص مكانه مؤقتا موثوق به من ضمن الهيئة، ريثما يتم تشكيل لجنة عن طريق أهل الحل والعقد، والعمل بعدها على تنظيم أمور المحرر كاملة بالتنسيق بين الفصائل، ويتم اختيار تلك اللجنة مع ضرورة المحافظة على المكتسبات”.