مع أول أيام رمضان تتبع عوائل كثيرة في الداخل السوري أسلوب الحرمان والتخلي عن مواد ووجبات غذائية كانت بالسنوات الماضية أصنافاً أساسية على الموائد خلال فترة السحور، السبب الرئيسي في ذلك هو ارتفاع الأسعار وانعدام القدرة الشرائية لغالبية المواطنين، وتدني مستوى الدخل لديهم، لاسيما شريحة الفقراء وذوي الدخل المحدود.
تصف “هناء” ربة منزل وأم لأربعة أطفال من سكان مدينة التل بريف دمشق، حالة الحيرة التي ترتسم على وجوه الأهالي في السوق عشية أول ليالي شهر رمضان، تقول: إن “هذه الأيام تكشف عجز الفقراء وضيق حال المواطنين في تأمين مستلزمات رمضان فحتى وجبة السحور لم تعد كما كانت، بل اقتصرت على صنف واحد أو صنفين من النواشف مع الاستغناء عن مشتقات الألبان والأجبان وحتى البيض” ، تخبرنا أن “تحضير وجبة السحور اليوم يحتاج ميزانية خاصة بها تعادل نصف راتب موظف حكومي” وهذه حال معظم العوائل في الداخل السوري.
رصدت منصة SY24 ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار مواد المائدة الرمضانية المرتبطة بفترة السحور، في مناطق النظام إضافة إلى ارتفاع بشكل عام في الأسعار حسب تقلبات سعر الليرة السورية مقابل سعر صرف الدولار، إذ تصل تكلفة وجبة السحور لعائلة مؤلفة من خمسة أشخاص قرابة 100 ألف ليرة سورية، بينما تصل تكلفة تأمين وجبة الإفطار 300 ألف ليرة، وعليه تحتاج العائلة قرابة 9 مليون ليرة تكلفة وجبة الإفطار طيلة شهر رمضان، حسب ما أكده موقع محلي مقرب من النظام.
وفي ذات السياق كشفت صحيفة البعث الموالية أن حجم الطلب على السلع خلال شهر رمضان هو الأضعف منذ خمسين عاماً على الأقل، نتيجة انهيار القوة الشرائية للمواطنين التضخم الاقتصادي والمعيشي.
لا يختلف الوضع كثيراً في مناطق الشمال السوري، والتي شهدت ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار جميع المواد الغذائية والسلع الأساسية في الأسواق، ولاسيما الخضار والفواكه واللحوم الحمراء والبيضاء والبيض، فضلاً عن غلاء الحليب والألبان والأجبان ومشتقاتها، إذ تعد هذه الأصناف وجبات أساسية على مائدة السحور لدى معظم العوائل السورية.
مراسلتنا جالت في الأسواق ورصدت أسعار بعض المواد الغذائية في ريف إدلب الشمالي، حيث وصل سعر كيلو البندورة إلى 25 ليرة تركية، البطاطا 13 ليرة، الخيار 30 ليرة، الخس 15 ليرة، حزمة البقدونس 5 ليرات، تقول “أم محمد” مهجرة من ريف إدلب الجنوبي إلى بلدة عقربات شمال إدلب لمراسلتنا: إن “تكلفة طبق من السلطة على هذه الأسعار المرتفعة تصل إلى قرابة 70 ليرة تركية أي ما يعادل 2 دولار، بالوقت الذي يقضي العامل 8 ساعات يومياً مقابل 4 دولارات فقط ، لاتكفيه ثمن صحن من السلطة وكيلو واحد من البطاطا!.
وتعاني آلاف الأسر من أزمة اقتصادية ومعيشية كبيرة جعلت لقمة العيش هاجساً يقلق معظم المواطنين ولاسيما ذوي الدخل المحدود وعمال المياومة، الذين يعتمدون على شراء كميات قليلة جداً من أصناف الطعام ومنهم من استغنى عنها واكتفى بالقليل المتوفر بين يديه.