تنشط ظاهرة التسول خلال شهر رمضان بشكل ملحوظ في الداخل السوري، ويعد فرصة لدى بعض الأفراد المتسولين لاستعطاف الأهالي وتحقيق المزيد من الأموال بدافع الصدقة وفعل الخير في شهر الصوم، دون القدرة على الحد من الظاهرة أو إيجاد حلول جادة وفعالة للقضاء عليها وسط تردي الظروف المعيشية لغالبية المواطنين.
رصدت منصتنا زيادة ملفتة بأعداد المتسولين في مناطق ومدن الشمال السوري، والتي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الواقع الاجتماعي الحالي التي تعكس سوء الوضع المعيشي والاقتصادي للأهالي، والذي دفع عدداً كبيراً منهم إلى التسول وسؤال الناس بسبب الحاجة.
يقول “أبو محمد” صاحب محل لبيع المواد الغذائية في سوق “كفر لوسين” شمال إدلب، إنه “منذ بداية شهر رمضان تضاعف عدد المتسولين في المنطقة، قاصدين الأسواق والشوارع العامة والأماكن المزدحمة ويكثرون أمام محلات الصرافة والمطاعم والمحلات التجارية”.
يخبرنا أن “الحاجة والفقر تدفع الكثيرين إلى طلب المساعدة من الأهالي ولكن امتهان التسول بهذا الشكل أصبح ظاهرة خطيرة خاصة على فئة الأطفال الذين هم ضحية الحرب والنزوح والتهجير والظروف الاقتصادية السيئة التي دفعتهم إلى قصد الشارع والأماكن العامة والتسرب من المدرسة لكسب المال”.
وتعد الناشطة الإنسانية” أحلام الرشيد” في حديثها إلينا أن” التسول جريمة بحق الأطفال تنتهك حقوقهم في التعليم والصحة واللعب مثل غيرهم من الأطفال في العالم، ويترك أثراً نفسياً سيئاً لدى الطفل، كما قد يتعرض لخطر التحرش والاعتداء الجسدي و حوادث السير”.
وأشارت أن ظاهرة عمالة الأطفال والتسول ازدادت كثيراً في السنوات الأخيرة بسبب سوء الوضع المعيشي وارتفاع معدل الفقر وتدني مستوى المعيشة، وما يضطر بعض العائلات إلى إرسال أطفالهم للتسول بحثاً عن لقمة العيش، ناهيك عن ازدياد أعداد الأطفال الأيتام الذين لا يملكون معيلاً ولا يجدون لقمة عيشهم.
وفي ذات السياق كشفت صحيفة “الشرق الأوسط” مؤخراً أن الوضع المعيشي والاقتصادي المتردي في سوريا، زاد من حالات التسول بشكل غير مسبوق، وأصبحت الأرصفة والشوارع والأسواق في مختلف المدن تغص بالمتسولين الذين يفترشون الحدائق والشوارع ويسألون المارة، فضلاً عن وجود عشرات الأشخاص الذين ينبشون القمامة.
وقال برنامج الغذاء العالمي: إن “12.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي في سوريا، مشيراً إلى أنها تعاني من مستويات قياسية من الجوع حيث زادت أعداد المتسولين عشرة أضعاف ماكانت عليه في السنوات السابقة، ولم يعد بإمكان الأشخاص الصبر على الجوع والبرد أكثر، فكان الخروج للشارع وسؤال الناس أحد النتائج تلك الظروف الصعبة”، بالوقت الذي انعدمت الطبقة المتوسطة بين الأهالي، على حساب طبقتين فقط، إحداها شديدة الفقر والحاجة، والأخرى فاحشة الثراء.