تتجول “أم تيم” في سوق مدينة أريحا برفقة طفلها البالغ من العمر ست سنوات، تمسك بيده مسرعة لتمر من أمام واجهة محل الأكلات الطبية، لتتخلص من طلباته التي يصعب تلبيتها.
باتت الأكلات الطيبة واحدة من الأشياء المحرمة على أطفال الشمال السوري، وذلك بسبب ارتفاعها المستمر، الذي أصبح من الصعب جداً تلبيتها عند أصحاب الدخل المحدود.
“أم تيم” البالغة من العمر 24 عاماً، أم لطفل واحد، تسكن في مدينة أريحا، تضطر إلى اصطحاب طفلها معها عند خروجها إلى سوق المدينة، تتمنى لو أن بإمكانها إغلاق عيونه عند مرورها من أمام محلات الفواكه الشهية أو الأكلات الطيبة.
تمشي في السوق مسرعة، تتجاهل طلبات طفلها المتعددة، تقول: “أمام محل الفواكه يطلب الفواكه الغالية كالفريز والكيوي التي سعرها يفوق أجرة يومية زوجي العامل في إحدى ورش البناء في المنطقة”.
تجاهل طلباته، يفتح عليها باباً جيداً، يبدأ طفلها بالبكاء ويرفع صوته كلها طلب شيئاً ورفضته أمه، تحاول إرضائه عند واجهة محلات الأكلات الطبية، وهو يبكي ويطلب بعضاً من البسكويت ورقائق البطاطا (شيبس).
تردد جملة واحدة التي مل طفلها من سماعها طوال هذا المشوار “سأشتري لك، انتظر قليلاً”، تحاول بهذه الكلمات إسكاته بعد أفلست حقيبتها من النقود، لتصل إلى حارتها وتشتري من دكان جارها، الذي اعتاد على تدينها كلما أفلست، لتحاسبه نهاية الأسبوع عندما يتقاضى زوجها أجوره التي لا يتجاوز 100 ليرة يومياً.
في كل شارع وأمام محلات المواد الغذائية يزين أصحابها واجهة محلهم بأكياس البطاطا وعلب البسكويت التي تتميز بألوانها الزاهية لتجذب نظر الأطفال لها، “أبو ياسين” 41 عاماً، أب لستة أولاد، يسكن في مدينة أريحا، يفتح محله في ساعات الصباح الباكرة مع بداية خروج الأطفال إلى مدارسهم، يضع أكياس البطاطا أمام محله، ويجلس ينتظر الأطفال ليشتروا منه وهم في طريقهم إلى مدرستهم.
ترتفع أسعار أكلات الأطفال كل فترة قصيرة، وذلك بسبب فرق تصريف العملة التركية مقابل الدولار الأمريكي، يقول “أبو ياسين” أنه يشتري كميات كبيرة من محلات الجملة بالدولار الأمريكي ويبيعها بالليرة التركية، وهذا هو السبب الرئيسي في هذا الارتفاع الدائم لأسعارها.
معظم الأكلات مستوردة من تركيا وبعضها الآخر من مناطق النظام، أما عند المنتجات المحلية فهي قليلة جداً، وتختلف أسعار الأكلات حسب نوعها وطعمها وحجمها.
يحدثنا “أبو ياسين” عن أسعار بعض الأكلات المتوفرة في أسواق الشمال السوري فيقول: ” كيس البطاطا حجم صغير لا يحتوي على أكثر من خمس حبات سعره 3 ليرات، والحجم الكبير يصل سعره 20 ليرة تركية”.
تكثر أنواع البسكويت وتختلف أسعارها حسب كمية السكر الموجودة فيها وحجمها، ” سعر علبة بسكويت الشاي 6 ليرات تركية، وأصغر قطعة بسكويت تركي يصل سعرها إلى 3 ليرات، أما علبة البسكويت السوري المتعدد القطع يصل سعرها إلى 15 ليرة، وقطعة الكيك تتفاوت أسعارها حسب حجمها الذي يتراوح 10 ليرات و50 ليرة تركية”.
سوء الوضع الاقتصادي والمعيشي المتردي في الشمال السوري، كان له أثر كبير على الأطفال، وسبباً في حرمانهم من أدنى أحلامهم وهي قطعة بسكويت أو كيس شبيس.