أدت أساليب التقليل والاستغناء عن كثير من المواد الغذائية الأساسية في وجبات الطعام لدى كثير من الأسر في الداخل السوري كنوع من التأقلم مع الوضع المعيشي والاقتصادي المتردي، إلى ارتفاع معدل سوء التغذية الحاد بين الأطفال، خاصة لمن هم دون سن الخامسة، وذلك بسبب عجز كثير من العوائل عن تأمين لقمة العيش والمواد الغذائية الأساسية لأطفالها.
تصف السيدة “جيهان” ربة منزل وأم لثلاثة أطفال مقيمة في ريف دمشق، أن الغلاء والوضع المعيشي السيء الذي تعيشه الأسر حالياً بلغ أصعب المستويات منذ عشر سنوات، تقول في حديثها إلينا: إن “اثنين من أطفالها يعانون من حالة سوء التغذية ونقص الوزن فهم لا يحصلون على كمية كافية من الغذاء الصحي والضروري للنمو، مثل: الحليب ومشتقاته واللحوم والبيض والخضار والفواكه، إنما تقتصر وجباتهم الغذائية على الأرز والبرغل والبقوليات عموماً.
حيث دفع الغلاء المعيشي وارتفاع الأسعار وتدني مستوى الدخل لغالبية السكان في مناطق النظام إلى اتباع أساليب التقشف والتخلي عن الحاجات الأساسية في سبيل التأقلم مع الغلاء والفقر وقلة الدخل، وتأثرت الأسر على جميع المستويات الصحية والمعيشية والاقتصادية.
وفي ذات السياق أكدت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية الشهر الماضي في تقرير لها أنه بعد مرور 13 عام على الصراع في البلاد وتزايد الاحتياجات الإنسانية أصبح أكثر من نصف سكان في سوريا بحاجة ماسة للمساعدات الغذائية.
وأشارت إلى ارتفاع معدل سوء التغذية الحاد بين الأطفال بمقدار ثلاثة أضعاف بلغت ذروتها خلال السنوات الخمس الماضية، مقدرة أن أكثر من نصف مليون طفل يحتاجون لعلاج فوري ومنقذ للحياة من سوء التغذية الحاد هذا العام.
وكانت وزارة الصحة في حكومة النظام قد كشفت عن زيادة حالات سوء التغذية والتقزم ونقص الوزن في سوريا خلال العام الماضي مقارنة بالأعوام السابقة دون التطرق إلى حلول جادة وفعلية من قبل حكومة النظام لاستدراك الوضع.
وفي حديث خاص مع إخصائية تغذية في دمشق، تحفظت على ذكر اسمها لأسباب أمنية، قالت: إن “عدم حصول الجسم على المواد الغذائية الأساسية التي يحتاجها مثل: الفيتامينات والبروتينات والمعادن الضرورية لنمو الجسم، تسببت بحالات سوء التغذية، مرجعة ذلك لأسباب اقتصادية واجتماعية مثل الفقر والغلاء وتردي الأوضاع المعيشية، والذي يؤدي إلى نقص الغذاء اللازم للنمو والذي بدوره ينعكس على صحة الطفل ووزنه وطوله وكذلك نموه العقلي.
يشار إلى أن مناطق سيطرة النظام تعاني أزمات معيشية خانقة وارتفاع معدل الفقر والحاجة وسط غلاء معيشي غير مسبوق طال جميع المواد الغذائية والسلع الأساسية فيها، جعلت أكثر من 90 بالمئة من السكان يعيشون تحت خط الفقر حسب تقديرات الأمم المتحدة.