بعد نجاته من سجون النظام السوري، أقبل “عمار” على طلب فتاة للزواج، مع رفض أهلها، عاد ليطلب عدة فتيات والنتيجة ذاتها، بسبب اعتقاله عام 2013 من المدينة الجامعية حين كان طالباً في كلية الصيدلة بجامعة حلب.
حسب تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نُشر نهاية العام الفائت، فإن عدد المعتقلين المفرج عنهم خلال مراسيم العفـو كافة بلغ 7351 معتقـلاً، معظمهم اعتقل بشكل تعسفي، وما زال لدى النظـام السـوري حتى الآن قرابة 135253معتقلاً مختفٍ قسرياً.
“عمار” 31 عاماً، يقيم في جبل الزاوية جنوبي إدلب، كان طالباً في كلية الصيدلية ومقيماً في المدينة الجامعية، عندما اقتحمت “الشبيحة” التابعة لقوات النظام وحدته السكنية واعتقله مع عشرات الطلاب الأبرياء.
تنقل “عمار” بين أفرع عدة، منها المخابرات الجوية والأمن السياسي، ثم تحول أخيراً إلى السجن المركزي بمدينة حلب وتم الإفراج عنه بعد فترة سجن دامت أكثر من ثلاثة أشهر.
كانت “الشبيحة” تبدأ مداهمتها للمدينة الجامعية بعد منتصف الليل، وتلقي القبض على الطلاب الأبرياء، ثم تقودهم إلى مراكز مخابرات عدة، منهم من يموت تحت التعذيب ومنهم من تنقطع أخباره عن أهله، ومنهم من ينجو بأعجوبة من سجونهم.
انتهت فترة اعتقال “عمار” بدفع مبلغ من المال، يقول: “باع أبي قطعة أرض واستدان باقي المبلغ حتى تم الإفراج عني مقابل ثلاثة ملايين ليرة سورية”.
أقبل الكثير من شباب الشمال السوري إلى متابعة دراستهم في الجامعات الحرة بالمنطقة، وذلك بسبب خوفهم ورعبهم من اعتقال النظام لهم بتهمة سياسية أو تشابه أسماء وغيرها من التهم الكثيرة، وهذا ما قام به “عمار” حيث أكمل دراسته في جامعة إدلب الحرة وأنتهى منها قبل عامين وبدأ يأسس حياته لبناء أسرة خاصة به.
طلب “عمار” ابنة خاله للزواج وجاء الجواب بالرفض بسبب اعتقاله، يقول: “زوجة خالي رفضت تزويج ابنتها لي بشكل قطعي، وحسب رأيها فإن ابنتها من حقها إنجاب أطفال وبناء أسرة”.
طلب “عمار” فتاة أخرى تعرف عليها عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، وأخفى عنها قصة اعتقاله، وبعد تمام الخطبة وقبل الزفاف بعدة أيام، فسخ أهل العروس الخطبة بعد أن وصل إليهم الخبر من أحد أقاربه، متحججين بأن سبب الرفض عدم رغبتهم بزواج ابنتهم حالياً.
يتعرض المعتقلون في سجون النظام إلى أقسى أنواع التعذيب، حتى يكاد العقل البشري لا يقوى على تصديقها، بحسب شهادات كثيرين.
يستذكر “عمار” حادثة رآها أمام عينيه خلال فترة اعتقال، يقول: “أحد زملائي الطلاب تم شبحهم عراة أمام المساجين وتعذيبهم بالضرب على الأعضاء التناسلية والصعق بالكهرباء، لكي يصابون بالعقم”.
” سأقطع نسلكم حتى لا تخلفوا بعض ذلك” هذه الجملة كانت من أبسط الجمل التي كان يرددها السجان خلال تعذيبهم، حسب ما قال “عمار”.
يزداد رفض الأهالي بزواج أولادهم من المعتقلين أو المعتقلات، بعد سماعهم قصصاً كثيرة عن أساليب التعذيب التي يتعرضون لها.
يعود “عمار” لطلب الفتاة السادسة ضمن قائمة الفتيات اللواتي طلبهن للزواج، ويأمل أن يحظى بفتاة أهلها يتفهمون أن الاعتقال ليس ما كان خياره، وأن التعذيب حقيقة مرة ينجوا منها البعض ويبتلى بها البعض الآخر، كما ينجوا بعض المعتقلين ويموت بعضهم داخل سجون النظام، وفق وصفه.