تنتعش نباتات الزينة المنزلية مع بدء الربيع وارتفاع درجات الحرارة، حيث يرغب الأهالي في مدينة إدلب بتزيين شرفات منازلهم بمختلف أنواع الأزهار الطبيعية، واقتناء أصناف منوعة من نباتات الزينة، رغبة منهم بإضفاء لمسة جمالية وعطرية لمكان سكنهم.
استغلت السيدة “نجاة” البالغة من العمر 34 عاماً، الأيام الدافئة منذ بداية شهر نيسان واشترت عدة قطع من أصيص الورد من المشاتل المنتشرة قرب مكان سكنها في حي الثورة بمدينة إدلب، وزينت به واجهة الشرفة وأماكن أخرى داخل منزلها. تقول في حديثها إلينا: إن “نباتات الزينة الخضراء والأزهار الملونة تضفي السعادة والراحة النفسية في البيت، وهي متنفس المنازل الضيقة في المدينة التي تخلو من الحدائق الصغيرة المنزلية”.
تخبرنا أن هناك أنواع من النباتات الموسمية، فمنها ما يزرع شتاءً ومنها ما يحتاج إلى درجات حرارة عالية وأشعة الشمس اليومية، ولكل نبتة طقس معين يجب توفيره لها لكي تنمو وتزهر وتحافظ على جمالها، وإلا فإنها معرضة للجفاف أو الإصفرار والذبول.
اكتسبت “نجاة” خبرة في زراعة الورود المنزلية من حبها للنباتات، حيث قرأت كثيرًا عن أسماء النباتات والطقوس المناسبة لها وطرق العناية سواء من ناحية تعرضها للضوء والتهوية الجيدة والسقاية المعتدلة، فأصبحت تنتقي من المشاتل ما يناسب منزلها من جميع النواحي لتحافظ عليها أطول وقت ممكن.
تظهر فرحة السيدة الثلاثينية بنباتاتها من خلال التقاط الصور اليومية لهم باعتبارهم مصدر سعادة نفسية لها حسب تعبيرها، إضافة إلى الفوائد الطبية التجميلية لبعض الزهور مثل نبات “الألوفيرا” وهو نوع من الصبار له فوائد تجميلية للبشرة والشعر، وهناك نبات “المليسة” الذي يتم غلي أوراقها واستخدامها لعلاج بعض أمراض الزكام والسعال.
كذلك، تزين واجهة البيوت في مدينة إدلب عدد من الأحواض الترابية، إذ يعد الاعتناء بنباتات الزينة المنزلية إحدى العادات التي تميز الأسر السورية، حتى أنها باتت تزين محيط عدد من الخيام في خطوة لتحدي الظروف المعيشية الصعبة من خلال أبسط الأشياء وأكثرها جمالًا.
بعيدًا عن المنازل والمدن، تربعت نباتات الزينة في أحواض محيطة بعدد من الخيام السكنية المنتشرة في شمال سوريا، حيث تكسر بجمالها وعطرها قسوة الحياة البائسة، لاسيما أن قسمًا كبيرًا من المخيمات أُقيم في مناطق جرداء قاحلة تخلو من النباتات والأشجار.
حوّل “أبو محمد الشامي” البالغ من العمر 42 عامًا، مهجرًا من ريف دمشق، مدخل منزله في مخيم سكني بمنطقة كفر لوسين شمال إدلب إلى حديقة صغيرة رغم ضيق المساحة المشتركة مع عدد من الجيران، يقول: “إن الأزهار تضفي روحًا على المكان، خاصة في منطقة المخيمات، وهي المتنفس الوحيد للهروب من ضغط الحياة اليومية والمتاعب النفسية، والتي تذهب بمجرد تناول فنجان من القهوة بين النباتات”.
يخبرنا عن أسماء الأزهار الموجودة لديه قائلاً: إنه يفضل “النباتات العطرية مثل الورد الجوري والياسمين ونبتة عطر الليل ذات الرائحة الفواحة، إضافة إلى الحبق والريحان والعطرة والمليسة”.
ينتظر “أبو محمد” وكثير من الأهالي النازحين والمهجرين عودةً قريبة إلى مدنهم وبيوتهم وحدائقهم المنزلية التي يعيشون على ذكرياتها ويحاولون بأي طريقة محاكاتها رغم اختلاف ظروفهم المعيشية.