تتنقل “أم أمين” بين أكياس ورق العنب المصفوفة على واجهة إحدى المحلات التجارية في سوق الهال بمدينة أريحا، تقلب بين أوراقها وتسأل بائعها عن السعر، ثم تطلب منه أن يزن لها كيلو غراماً، فهي تريد أن تحضر بعضه “يبرق”، وتضع الباقي في “مطربان” مونة للشتاء.
يعتبر ورق العنب من أهم المؤن التي يخزنها السكان في سوريا لفصل الشتاء، نظرًا لكونها وجبة محببة ولذيذة لجميع أفراد العائلة، بالإضافة إلى قيمتها الغذائية العالية.
“أم أمين” سيدة أربعينية، وأم لخمسة أولاد، تسكن في مدينة أريحا جنوب إدلب، وتعمل في إحدى محلات الألبسة بالمدينة بعد اعتقال زوجها، حيث أصبحت المعيلة الوحيدة لعائلتها منذ سبع سنوات.
اقتصرت “أم أمين” على أنواع قليلة من مونة الشتاء، كما قللت كمية المونة التي كانت تضعها سابقًا إلى النصف تقريبًا، وذلك لعدم قدرتها على شرائها بسبب وضعها المادي المحدود حيث تركز على الضروريات فقط.
أما مونة ورق العنب فلا يمكن لـ “أم أمين” الاستغناء عنها، لكنها اضطرت إلى اقتصار الكمية هذا العام إلى النصف بسبب ارتفاع سعره، وتقول: “قبل عشر سنوات كنت أضع مونة ورق العنب بين 7 و10 كيلو، أما الآن اختصرت الكمية إلى 5 كيلو، وذلك بسبب غلائها”.
تشتري “أم أمين” مونة الورق بالكيلو الواحد حتى تنتهي من الكمية التي تريد تخزينها، وتقول: “بهذه الطريقة أقسم المبلغ على دفعات متتالية، ليكون العبء أخف”.
ارتفعت أسعار ورق العنب هذا العام إلى ضعف سعره في العام الماضي، حيث كان يُباع العام الماضي كيلو الورق من النوع الأول بـ 35 ليرة تركية، ويقول “أبو محمد” البالغ من العمر 61 عامًا، أحد بائعي ورق العنب في مدينة أريحا، إن “سبب ارتفاع سعره يعود إلى قلة الكروم في الشمال السوري بعد سيطرة قوات النظام على المناطق الشرقية والجنوبية لمحافظة إدلب”.
يحدد سعر ورق العنب حسب حجمه ونضارته وطراوته، ويقول “أبو محمد”: إن “النوع الأول سعره 70 ليرة تركية، والنوع الثاني 50 ليرة، والثالث سعره يتراوح بين 40 و45 حسب جودته”.
يُستخدم ورق العنب في عدة مأكولات شعبية معروفة لدى السوريين، مثل اليبرق الذي يُلف بالأرز واللحم، واليالنجي الذي يُلف بالخضار والأرز، أما “التبلة” فهي أكلة يشتهر بها سكان محافظة إدلب، وتعتمد مكوناتها على البرغل والبندورة بالإضافة إلى البصل الأخضر والبقدونس، وتُقدم هذه الوجبة مع ورق العنب المسلوق.