عمل النظام خلال السنوات الماضية على بناء شخصيات مستفيدة من الأحداث، عُرفت باسم “أمراء الحرب”، وظهرت كواجهة ملمّعة له أمام المجتمع المحلي والدولي، وبدأت تظهر علنًا بعد السنوات الأولى للثورة السورية، مستغلة نفوذها الذي منحها النظام لمصالحها الشخصية وبناء ثروات فاحشة على حساب السوريين.
يستعرض هذا التقرير أبرز الشخصيات التي ظهرت في محافظة درعا وكان لها دور كبير في إشعال الأحداث، وتسليم عدد كبير من أبناء المنطقة للنظام السوري بحجة التسوية والمصالحة، ليتم اعتقالهم وعدم معرفة مصيرهم حتى الآن، ثم تظهر نفس تلك الشخصيات في محاولة لتلميع صورتها الشخصية والبروز أمام المجتمع المحلي والرأي العام كشخصيات وطنية بناءة في المجتمع.
“عماد أبو زريق” واحد من أبرز “أمراء الحرب” في محافظة درعا، كان قائدًا عسكريًا في جيش اليرموك قبل أواخر 2018. عند سيطرة النظام على المحافظة بالكامل، هرب إلى الأردن لفترة معينة ثم عاد بصفقة سرية مع أجهزة المخابرات السورية انتهت بتزعمه مجموعة تابعة للمخابرات السورية في بلدة نصيب.
هذه التسوية مكنته من تعزيز نفوذه في منطقة المعبر الحدودي بين سوريا والأردن بدعم من النظام السوري ليبدأ في تهريب المخدرات. ارتبط اسمه بشكل وثيق بملف الكبتاغون وتهريبه خارج حدود البلاد، الأمر الذي دفع الحكومة الأمريكية لإدراجه في قائمة العقوبات الخاصة بها.
يحاول “أبو زريق” وشخصيات أخرى تلميع صورتهم وغسل يديهم من دماء السوريين عن طريق دعم القطاع الرياضي، وبالتالي تحسين مظهرهم أمام المجتمع.
يقوم “أبو زريق” بدعم “نادي نصيب” الرياضي ويظهر كعراب لهذا النادي، مستغلاً إصابته بجروح جراء القصف السابق للنظام لكسب تعاطف الناس.
أما “مازن الحميدي” الذي لمع نجمه إبان عملية التسوية 2018 أيضاً، وما تبعها من حملات عسكرية أطلقتها قوات النظام في محافظة درعا بين عامي 2020 و 2022، فقام بتبني “نادي الشعلة” الرياضي، حيث تأهل مؤخراً للدوري السوري الممتاز بعد انتظار دام 25 عاماً، وهنا برز اسمه كواحد من داعمي الرياضة المحلية، إذ قدّم دعماً مالياً بمبلغ 60 مليون ليرة سورية شهرياً بصفته رئيس فخري لنادي الشعلة الرياضي.
بالرغم من ذلك، تبقى ذاكرة السوريين حية لما فعلوه خلال سنوات الصراع، حيث وجّه الشيخ “فيصل أبا زيد”، عضو اللجنة المركزية في درعا، خلال خطبة الجمعة الماضية، رسالة إلى هؤلاء الشخصيات، مؤكداً أن داعمي الرياضة الحاليين، مهما حاولوا تبييض صورتهم السوداء، فإن الشعب لن ينسى أفعالهم الإجرامية، مطالباً إياهم أولاً بالإفراج عن المعتقلين الرياضيين من أبناء المحافظة، الذين تم إخفاؤهم قسرياً في سجون النظام.