بادر ناشطون متطوعون بتأسيس مبادرة “المهرجون” التي تنقل لمسات من السعادة إلى الأطفال في مخيم الهول في شمال شرق سوريا، بهدف التخفيف قدر المستطاع عن الظروف التي يواجهها أكثر من 31 ألف طفل يعيشون في ظروف قاسية للغاية، بعيداً كل البعد عن بيئة آمنة ومستقبل واعد.
جاء ذلك بحسب ما ترجمت منصة SY24 عن موقع newlinesmag الأمريكي.
ويعبّر لسان حال أطفال المخيم عن مدى شوقهم لهذه المبادرة، حيث يقول أحدهم: “أتمنى أن يأتوا كل يوم ويلعبوا معنا”.
وتجسّد هذه الكلمات البسيطة حجم المعاناة النفسية التي يعاني منها الأطفال، وحاجتهم الماسة إلى لحظات من السعادة تنسيهم قسوة الواقع.
ويأتي المهرجون إلى المخيم لخلق فسحة من الراحة للأطفال، بعيدًا عن البيئة الصعبة للغاية التي يعيشون فيها، فبعضهم يقيم في المخيم منذ عامين، ولم يرَ سوى الألوان الباهتة والأحادية اللون التي تحيط به.
ويمثل المهرجون وتصرفاتهم الغريبة بمثابة إلهاء مؤقت عن الواقع المظلم الذي يعيشه أطفال مخيم الهول.
وتقدم هذه المبادرة لمسة من السطوع والكوميديا التي تذكر المجتمع الدولي بأسئلة هامة: ما هي عواقب بقاء هؤلاء الأطفال في مكان مثل الهول؟ ما هو المستقبل الذي ينتظرهم؟.
وتقف مؤسسة “زوميا” الأمريكية للإغاثة وراء مبادرة “المهرجون”، حيث أوفدت اثنين من المتطوعين، مؤخراً لزيارة المخيم لمدة ثلاثة أيام.
لم يكن أحد المهرجين والذي ينحدر من مدينة منبج قد زار المخيم من قبل، لكنه كان على دراية بسمعته السيئة كمكان خطير ومهجور، مؤكداً أن مبادرة “المهرجون” هي بمثابة بصيص أمل لأطفال مخيم الهول، وتذكرنا بضرورة العمل الجاد لتحسين ظروفهم المعيشية وخلق مستقبل أفضل لهم، وفق تعبيره.
وتابع قائلاً “أريد أن أجعل الأطفال يبتسمون، وعندما أرتدي الزي والمهرج فإن ذلك يجعلني سعيدًا، مما يجعل الأطفال سعداء”.
ومؤخراً، وعلى مدار ثلاثة أيام، جاب المهرجون ببهجتهم المتعددة الألوان أرجاء مخيم الهول، تاركين بصمة من الفرح في كل قطاع مروا به.
وواجهوا في كل يوم إجراءات أمنية مشددة من قبل قوات سوريا الديمقراطية، قبل أن يتنقلوا حول المخيم في سيارة ركاب بيضاء، تجنبًا للسير في شوارعه المزدحمة.
وفي خيمة بسيطة، نصبوا ستارة حمراء، وخلقوا مسرحًا مؤقتًا لجمهورهم الصغير، وقدموا عرضًا قصيرًا للدمى باستخدام الحيوانات المحنطة، حظي باهتمام الأطفال الذين تابعوا حركاتها بشغف، بينما ساد الصمت على الخيمة.
وفجأة، انفجر المهرجون ببهجتهم، تاركين وراءهم دمى الحيوانات المحنطة، ليملأوا الخيمة بألوانهم الزاهية وحركاتهم المرحة.
وأشار المهرج إلى أن هذا التغيير المفاجئ قوبل بردود فعل متباينة، فبينما ضحك بعض الأطفال بسعادة، صرخ آخرون وبكوا مذعورين من الصدمة.
وشعر المهرج الذي يدعى “بطران” بالحزن لردود الفعل المتباينة، فجثا على ركبته محاولاً مواساة فتاة صغيرة ترتدي عباءة مطبوعة بنقشة الفهد، كانت تبكي من الرعب، لكن محاولاته لم تفلح.
وبعد ساعة، انتهى العرض، وتم إخراج الأطفال من الخيمة، وهم يغمضون عيونهم ويبتسمون في ضوء الظهيرة الشاحب، وفق ما تحدث به المهرج.
تُعدّ مبادرة “المهرجون” مثالًا رائعًا على كيفية إحداث فرق إيجابي في حياة الناس، حتى في أصعب الظروف، فمن خلال جلب الفرح والضحك إلى أطفال مخيم الهول، يُساهم المهرجون في تخفيف معاناتهم وتقديم شعاع من الأمل لمستقبل أفضل.
كما تُلهم هذه المبادرة المجتمع الدولي للتفكير بمسؤوليته تجاه هؤلاء الأطفال، وبحث حلول جذرية لمأساتهم.
ووسط كل ذلك، تواصل منظمات المجتمع المدني العمل على دعم الأطفال والنساء القاطنين في مخيم الهول بريف الحسكة شرقي سوريا، للتخفيف قدر الإمكان من الأزمة الإنسانية والمعيشية التي يمرون بها.