على طريق يربط بين مدينة إدلب وسلقين، تبيع “أم ياسر” خبز التنور الطازج للمارة، لتوفير مصروف أولادها الأربعة بعد وفاة زوجها قبل خمس سنوات.
خبز التنور لا يزال تراثًا شعبيًا محافظًا في إدلب، بفضل طعمه المميز والمحبب للسكان.
“أم ياسر” البالغة من العمر 46 عامًا، نازحة من ريف إدلب الجنوبي إلى مخيم قريب من مدينة أرمناز، حيث توفي زوجها جراء قصف قوات النظام على بلدتها، وأصبحت المعيلة الوحيدة لعائلتها.
استغلت “أم ياسر” خبرتها في إعداد خبز التنور، وأقامت تنورًا طينيًا على حافة الطريق بالقرب من مدينة أرمناز، حيث تصنع فطائر الفليفلة والزعتر والجبن بالإضافة إلى خبز التنور العادي، وتبيعه للمارة بأسعار مناسبة ومتفاوتة حسب النوع والحجم.
تقول “أم ياسر”: “من خلال هذا العمل، تمكنت من توفير احتياجات منزلها دون الحاجة لطلب المساعدة من أحد”.
حددت “أم ياسر” سعر الخبز بعد حساب تكاليفه، واحتفظت بربح بسيط لنفسها.
تقول: إن “الرغيف العادي بحجم وسط سعره ليرة تركية، أما المحمرة فسعرها 4 ليرات، وفطيرة الزعتر 3 ليرات، والجبنة 5 ليرات تركية”.
إعداد خبز التنور يرافقه عادات وطقوس متوارثة منذ زمن طويل، تدل على الألفة والمحبة وروح التعاون بين الجيران والأقارب.
يجتمع جارات “أم إبراهيم” البالغة من العمر 51 عامًا من بلدة أحسم جنوبي إدلب لمساعدتها في إعداد خبز التنور.
يحتاج إعداد الخبز إلى مهارة وسرعة في العمل، لذلك تقبل الجارات على مساعدة بعضهن البعض. تقول: “نتقاسم العمل فيما بيننا، يقوم البعض برق العجين، وإحداهن تلوح بالرغيف حتى يكبر حجمه، والأخرى تصنع الخبز في التنور وتخرجه عندما ينضج”.
بعد الانتهاء من إعداد الخبز، تقوم “أم إبراهيم” بإعداد إبريق من الشاي الأحمر، ثم تجلس مع جاراتها بالقرب من التنور لتشرب معهن الشاي وتتناولن الفطائر.
تُهدي “أم إبراهيم” بعض أرغفة الخبز إلى جاراتها والمارة من جانب التنور، وتختم حديثها مع منصتنا بالقول: “من يشم رائحة الخبز الطازج، له نصيب في ذواقته”.