تشهد منطقة شمال غرب سوريا ازديادًا مقلقًا في نسب الإعاقة، حيث وصلت إلى الضعف خلال السنوات الأخيرة، وذلك بحسب تقارير صادرة عن منظمات إغاثية عاملة في المنطقة.
وأوضحت مصادر إغاثية في المنطقة، أن هناك العديد من الأسباب وراء ارتفاع نسب الإعاقة، من بينها نقص حاد في نظام الإسعاف الذي يعاني من قلة القدرة على الاستجابة لحالات الطوارئ، حيث تشير الإحصائيات إلى أن 67% من الحالات المنسقة خلال عام 2023 في محافظة إدلب لم يتم الاستجابة لها.
وتفتقر المنطقة إلى منظومة إسعاف موحدة، حيث يتم الاعتماد غالبًا على عربات عادية بدلاً من سيارات إسعاف مجهزة، مما يعرض حياة المرضى والمصابين للخطر.
كما يفتقر العاملون في مجال الإسعاف في الغالب إلى التدريب والتأهيل الكافيين، مما يؤدي إلى تفاقم المضاعفات الصحية للمرضى والمصابين.
ولفتت المصادر إلى أن غياب ثقافة الإسعافات الأولية لدى غالبية السكان يؤدي إلى تفاقم الإصابات وتأخير تلقي العلاج، مما قد ينتج عنه إعاقات دائمة.
بالمقابل، تعاني المنطقة من نقص في البرامج والدورات التدريبية حول الإسعافات الأولية، مما يُعيق نشر ثقافة الإسعافات الأولية بين السكان.
ومن الأسباب الأخرى، بحسب المصادر ذاتها، مخالفات قواعد المرور والازدحام السكاني ورداءة الطرقات، التي تعتبر من أهم أسباب ارتفاع حوادث المرور في المنطقة، مما يُساهم بشكل كبير في ازدياد الإعاقات الحركية.
ولفت ناشطون إغاثيون إلى أن قيادة الأطفال للدراجات النارية دون ارتداء خوذة وازدحام المدن بالمركبات، من العوامل المُفاقمة لحوادث المرور.
وتُشكل الإصابات الناجمة عن القصف والهجمات التي تشنها قوات النظام السوري وحلفاؤه على المنطقة، باستخدام مختلف أنواع الأسلحة، مصدرًا رئيسيًا للإعاقات الحركية.
كما تُشكل حوادث انفجار الألغام الأرضية، خاصة بين الأطفال الذين يلعبون بقايا المتفجرات، خطرًا كبيرًا يُهدد سلامة المدنيين ويُساهم في ارتفاع نسب الإعاقة.
وتُشير هذه العوامل مجتمعة إلى ضرورة اتخاذ خطوات جادة لمعالجة أزمة الإعاقة في شمال غرب سوريا، وذلك من خلال تطوير منظومة الإسعاف، نشر ثقافة الإسعافات الأولية، تعزيز السلامة المرورية، ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان التي تُسبب الإعاقات، وضمان حصول الضحايا على التعويضات اللازمة.
وفي هذا الصدد قال الطبيب والمهتم بالشق الإغاثي مأمون سيد عيسى لمنصة SY24: “لقد أظهرت دراسة عن الإعاقة في سوريا 2021 الصادرة عن برنامج تقييم الاحتياجات الإنسانية في الأمم المتحدة، أن نسبة ذوي الإعاقة الموسعة من الأفراد من سنتين وما فوق هي 28% من سكان شمال غرب سوريا و 19% من سكان مناطق شمال سوريا”.
وأضاف أن “أسباب ارتفاع الإصابات بالإعاقة هو عدم توفر منظومة إسعاف موحدة وغياب برامج السلامة المهنية في المنشآت الصناعية، وعدم وجود إدارة خاصة مختصة بالوقاية والتصدي للأمراض المزمنة غير السارية ضمن المنظمات ومديريات الصحة، وعدم إجراء الكشف المبكر في إصابات السمع والعين، وعدم وجود استراتيجية متكاملة لدى المنظمات ومديريات الصحة لمكافحة الأمراض الوراثية، إضافة إلى انتشار زواج الأقارب”.
يُشار إلى أن القطاع الطبي بشكل عام في الشمال السوري يعاني من هشاشة وضعف وانقطاع في الدعم المقدم من جهات عالمية، وقد نوهت عدة تقارير صدرت سابقاً عن منظمة العفو الدولية أن هناك نقصًا شديدًا في المساعدات الدولية الممنوحة لشمال غرب سوريا، تركت نحو 3.1 مليون شخص، بينهم 2.8 مليون نازح، في مواجهة أزمة صحية كبيرة.