باتت أسعار القبور في العاصمة السورية دمشق تشكل عبئاً ثقيلاً على أهالي الموتى، حيث سجلت أرقاماً خيالية بعيدة عن متناول الكثيرين.
وتتراوح أسعار القبور في دمشق حالياً بين 100 و150 مليون ليرة سورية، بينما لا يتجاوز سعر القبر في ضواحي المدينة 4 إلى 10 ملايين ليرة سورية، أي بفارق يزيد عن 35 ضعفاً.
ويعزى هذا الارتفاع الفاحش لعدة عوامل، أبرزها شحّ المساحات في مقابر دمشق القديمة، وعدم إمكانية توسيعها، ممّا دفع بالكثيرين إلى تحويل القبور إلى طوابق، وذلك حسب مساحة القبر وطلب صاحب الدفن، لقاء رسوم معينة تدفع لمصلحة مكتب الدفن.
وفي هذا السياق، أوضح مدير مكتب دفن الموتى بدمشق فراس إبراهيم في تصريحات لماكينات النظام الإعلامية، أنه لا يوجد ما يسمى بيع قبر طابو أو فراغ، إنما هي عملية تنازل عن استحقاق دفن فقط.
وأثارت هذه الأسعار الخيالية موجة من الاستياء والسخط بين أهالي دمشق، الذين عبروا عن صعوبة شراء قبر لذويهم المتوفين، معتبرين ذلك تجارة مبالغ فيها لا تراعي حرمة الموتى.
وتناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورًا لبعض القبور مع تعليقات ساخرة، مثل “القبر مصنف بكم نجمة اليوم؟” و”أصبح سعر القبر بسعر المنزل للأسف”.
ويُجسد هذا الواقع المرّ المعاناة التي يعيشها السوريون حتى في لحظاتهم الأليمة، حيث بات الموت أيضاً تجارة رابحة تتحكم بها قواعد السوق السوداء.
وبين هذا وذاك، يبقى السؤال مفتوحاً إلى أين ستصل أسعار القبور في دمشق؟ وهل من حلول تُخفّف من وطأة هذه الكارثة على كاهل الفقراء؟ بحسب كثيرين.
وقالت الناشطة الإنسانية وفي مجال المناصرة إيمان ظريفي لمنصة SY24، إنه “منذ زمن بعيد وهذه المشكلة موجودة في دمشق، حيث أن أسعار القبور ضمن المدينة تفوق أسعار القبور في خارجها والضواحي، وهناك من الناس من كان يشتري قبر قبل وفاته لضمان وجود مكان له بعد موته يدفن به، ومن لم يستطع فيدفن في الضواحي حيث كانت الإمكانية متاحة للجميع، أما الآن وفي هذا الزمن أصبح كل شي صعب وغير مقدور عليه في ظل حكم الأسد وما آلت إليه الأمور”.
وأضافت “الناس أموات في حياتهم وهم في حيرة أين سيدفنون، لذلك لا موت يشبه موت السوريين”.
ومنتصف العام الماضي، أكد عدد من أهالي ريف دمشق انتشار ظاهرة السوق السوداء للقبور، مشيرين إلى أن تجار القبور الذين ظهروا مؤخراً باتوا يعتمدون آلية جديدة، تتخلص بدفن الجثامين بطريقة سرية في قبور ليست لهم وفي ساعات الليل وبحضور عدد محدود من ذوي المتوفى.
ويتقاضى من يعمل بهذه المهنة مبالغ تتراوح بين 500 – 700 ألف ليرة سورية لإتمام عمليات الدفن، مشترطين عدم تغيير الشاهدة القديمة التي تحمل اسم العائلة المالكة للقبور.
وتحدثت مصادر متطابقة من ريف دمشق عن حالة ازدحام على القبور وعدم وجود مقابر للدفن إلا في حال تم حفر قبر جديد، أو دفن المتوفى فوق أحد المتوفين ممن مضى على دفنهم سنوات طويلة.