تُنذر هجرة أطباء التخدير من مناطق النظام السوري بكارثة صحية، حيث باتت المستشفيات تعاني من نقص حاد في هذه الكوادر الطبية، مما يهدد بشلل العمليات الجراحية والخدمات الطبية الطارئة.
وأكد أحد أعضاء نقابة أطباء دمشق التابعة للنظام، أن النقابة تتلقى يومياً بحدود 10 طلبات من أطباء يرغبون في السفر، خاصة إلى ألمانيا التي تستقطب أكبر عدد من الأطباء السوريين، حيث يتواجد فيها أكثر من 6000 طبيب، بينما تشير بعض التقديرات إلى أن هذا الرقم قد يصل إلى 7000 طبيب، وفق تقديراته.
وتُعد هجرة أطباء التخدير الأكثر خطورة، نظراً لقلة عددهم وكبر أعمارهم، حيث يُقدر عددهم في سوريا بـ 500 طبيب فقط، بينما تبلغ حاجة المشافي العامة والخاصة إلى أكثر من 1500 طبيب.
وفي محاولة لمعالجة هذه الأزمة، قامت حكومة النظام مؤخراً بزيادة رواتب أطباء التخدير وحوافزهم بمقدار 300 ألف ليرة شهرياً، لكن هذه الخطوة لم تكن كافية لوقف نزيف الهجرة، حيث يتقاضى طبيب التخدير خارج سوريا في شهر واحد ما يعادل مرتبه لعام كامل أو أكثر في مستشفيات سوريا.
وترى بعض المصادر الطبية العاملة في مناطق النظام، أنه من الضروري إيجاد حلول جذرية سريعة لمعالجة هذه الأزمة تتمثل في تحسين رواتب الأطباء وحوافزهم، وخلق بيئة إدارية مناسبة، وتطبيق الحلول المقترحة بفعالية.
وقالت الناشطة الإنسانية مايا عصملي لمنصة SY24، إنه “مهما حاول النظام ترقيع البنية الصحية والطبية المتهالكة فإنه لن ينجح، والسبب أن الراتب الشهري للطبيب والممرض لا يكفي بل إن كثيراً منهم يفضل السفر أو الهجرة إلى الصومال لأن الرواتب أفضل بكثير”.
وتابعت “الأمر خطير جدا بل وكارثي، ليس فقط في قطاع التمريض أو الصحة والطبابة بل في كل القطاعات ومنها القطاع التعليمي، إذ إن جميع الموظفين في مؤسسات النظام الحكومية يفكرون بالاستقالة والفرار خارج سوريا بحثا عن حياة وفرص عمل أفضل”.
ولفتت إلى أن النظام يحاول تجاهل هذه الأزمة ولكنه في نفس الوقت عاجز عن إيجاد أي حل للحد من هجرة الأطباء أو المدرسين أو عموم الموظفين في أي مؤسسة كانت، وفق تعبيرها.
ووسط استمرار نزيف الأطباء، أقامت وزارة الصحة التابعة للنظام مؤخراً لقاءً حوارياً تمّ خلاله تقديم عدة مقترحات وحلول، لكن بعض الأطباء عبّروا عن قلقهم من عدم جدوى هذه الحلول دون وجود إرادة قوية لتنفيذها.