مع بزوغ الفجر، يتجه “أبو محمد” برفقة عائلته إلى أرضه المزروعة بالمحلب، لقطاف موسمه الذي انتظره عامًا كاملاً.
يعد جنوب غربي آسيا الموطن الأصلي لتلك الشجرة، حيث تزرع في المناطق الجبلية الباردة، وهذا ما ساعد على انتشارها بشكل كبير في قرى جبل الزاوية كافة نظرًا لبرودة الطقس فيها.
“أبو محمد” رجل ستيني، أب لتسعة أبناء، يسكن في قرية بزابور بريف إدلب الجنوبي، يمتلك ما يقارب 20 دونمًا من الأراضي المزروعة بأشجار المحلب.
أراضي “أبو محمد” واحدة من بين آلاف الدونمات الزراعية التي تزرع فيها تلك الشجرة، حيث يعتمد قسم كبير من سكان جبل الزاوية على موسم المحلب في تحسين مدخولهم الاقتصادي.
يبدأ قطاف المحلب في العشر الأخير من أيار، ويستمر لمدة قصيرة لا تتجاوز الشهر في أغلب الأحيان، يُعرف موعد نضج تلك الثمرة من خلال النظر إليها، حيث يتحول قسم من حبات الشجرة من اللون الأخضر إلى الأصفر فالأحمر.
يحدثنا “أبو محمد” عن آلية قطاف تلك الثمار، فيقول: إن “قطاف المحلب يبدأ عندما يتحول قسم من حباتها إلى اللون الأحمر، لا يتجاوز هذا القسم الخمسة بالمئة”.
يباع المحلب بنوعيه الأخضر والمجفف، الأخضر يباع كل يوم في يومه، أما المجفف فهو ينشر تحت أشعة الشمس حتى يجف ثم تنزع منه العيدان ويباع حبًا.
يطلق سكان جبل الزاوية على المحلب “الذهب الأخضر” وذلك لارتفاع ثمنه وكثرة الطلب عليه، حيث شهد عام 2014 ارتفاعًا كبيرًا في سعره، وصل سعر الرطل الواحد إلى 45 دولارًا أمريكيًا.
تعد السعودية ودول الخليج من أكثر الدول المستوردة لتلك الثمار بعد السودان، يقول “محمود”، 37 عامًا، يسكن في جبل الزاوية وتاجر لمادة المحلب في الأسواق الداخلية والخارجية: إن “تراجع سعر المحلب خلال السنوات الأخيرة، وذلك بسبب الحرب الأهلية الحاصلة في السودان التي قللت من الطلب على المحلب بشكل كبير”.
من المتعارف بين التجار أن المحلب المجفف يباع “بالرطل” أي ما يعادل 3.5 كيلوغرام، يحدثنا “محمود” عن أسعار المحلب هذا العام فيقول: “سعر الرطل الواحد من المحلب المجفف يتراوح بين 8 و11 دولارًا أمريكيًا حسب جودته، أما المحلب الأخضر فيباع بالكيلو ووصل سعره هذا العام إلى 31 ليرة تركية أي ما يعادل دولارًا أمريكيًا”.
يعود تاريخ شجرة المحلب إلى خمسينيات القرن الماضي، وانتشرت تلك الشجرة في جبل الزاوية بشكل كبير في نهاية التسعينيات، وحسب إحصائية عام 2012 سجلت مساحة الأراضي المزروعة بالمحلب التي قدرت بـ 5738 هكتارًا، تضم تلك المساحة قرابة 1.3 مليون شجرة، متوسط إنتاجها 25 طنًا.