صيف الأطفال في إدلب.. من اللعب إلى العمل

Facebook
WhatsApp
Telegram

SY24 -خاص

أيام قليلة بعد بدء العطلة الصيفية فصلت الطفل “عبد الرحمن” (14 عاماً) عن كونه طالباً في الصف الثامن ليصبح عاملاً في أحد مطاعم الوجبات السريعة في مدينة الدانا شمال إدلب، حيث تزدهر عمالة الأطفال خلال العطلة الصيفية في مختلف المهن.

التحق “عبد الرحمن” وكثير من الأطفال بمهن مختلفة في سوق العمل بمدينة إدلب وريفها شمال سوريا لمساعدة عائلاتهم في تأمين دخل مادي أو لتعلم مبادئ مهنة ما للانخراط بها مستقبلاً في حال عدم إكمال تعليمهم في المدارس، كحال شقيقه الذي يكبره بعدة أعوام.

يقول الطفل في حديثه إلينا: “أعمل كي أساعد والدي في تأمين مصروف المنزل”، إذ يفضل كثير من الآباء تعلم أطفالهم المهن والمصالح المختلفة على البقاء في المدرسة أو قضاء العطلة الصيفية في المنزل، بسبب تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية لغالبية السكان في المنطقة.

مع فقدان مصادر الدخل وضيق الحال المعيشية، لم تعد الإجازة الصيفية في إدلب فترة راحة وعطلة بالنسبة لغالبية الأطفال من طلاب المدارس، بل أصبحت فترة لكسب الرزق والعمل أو تعلم مهنة لتأمين فرصة عمل في المستقبل وسط ارتفاع معدل البطالة.

يخبرنا عبد الرحمن أنه يتقاضى في عمله بالمطعم 40 ليرة تركية عن كل يوم عمل، خصصها والده لشراء خبز للعائلة ومصروفاً شخصياً له بمقدار عشر ليرات فقط ثمن قطعة حلوى، في الوقت الذي يتكفل أشقاؤه ووالده بتأمين أجرة المنزل ومصاريفه.

هذا التعاون الأسري حتى من قبل أصغر أفراد معظم العائلات السورية حتمته الظروف المعيشية المتردية، فلا رفاهية للأطفال بقضاء عطلة صيفية في هواياتهم المفضلة أو النوادي الصيفية وتنمية مواهبهم، بل هي فرصة للمساهمة في كسب الرزق وتأمين لقمة العيش والاعتياد على تحمل الواقع المعيشي السيء في سن مبكرة.

“فادي” (12 عاماً)، طفل آخر يقيم مع عائلته بمنطقة كفر لوسين شمال إدلب، تقول والدته إنها مع انتهاء الامتحانات أرسلته للعمل في ورشة دهان ليتعلم المهنة ويساعدها في مصروف المنزل كونها المعيلة الوحيدة للأسرة بعد وفاة زوجها في قصف سابق طال بلدتهم في ريف إدلب الجنوبي.

تخبرنا أنها ليست سعيدة بأن يقضي طفلها البكر مرحلة الطفولة في العمل بمهنة شاقة مثل الدهان، خاصة أنها متعبة ولها آثار سلبية على صحته، لكنها مجبرة على جعله يتحمل مسؤولية العائلة بعد وفاة والده.

أطفال كثر، قضت الحرب في سوريا على أحلامهم وطفولتهم، وحولتهم إلى آباء صغار بمسؤوليات كبيرة لتحمل الحياة المعيشية القاسية، مستغنين عن اللعب والتعليم والترفيه حتى في عطلتهم الصيفية.

مقالات ذات صلة