منذ سنوات طويلة، تعلمت “أم محمد” صناعة اللحاف الصوفي على يد إحدى جاراتها، حيث كان لتلك القطعة إقبال كبير واستخدام واسع بين سكان منطقتها.
تعد مهنة تنجيد اللحاف من المهن القديمة التي عرفها السوريون، لكنها اندثرت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة نتيجة تطور المجتمع، وأصبح استخدامها مقتصراً على كبار السن المهتمين بها كقطعة تراثية.
“أم محمد” سيدة خمسينية وأم لستة أولاد، تسكن في جبل الزاوية جنوبي إدلب، عملت في تنجيد اللحاف الصوفي منذ أكثر من ثلاثين عاماً، أتقنت هذه المهنة على يد جاراتها التي بدأت بها عن طريق الصدفة حين طلبت منها المساعدة في خياطة لحاف صغير.
تحتاج صناعة اللحاف إلى إبداع وفن والكثير من الصبر والسرعة في العمل، وهذا ما لاحظته جارة “أم محمد”، فعمدت إلى تعليمها أساسيات المهنة، بعد إتقانها، قامت بصناعة لحاف صغير لابنها الرضيع، وخلال أشهر قليلة بدأت تستقبل طلبيات لتنجيد اللحاف بأحجام مختلفة وبرسومات متنوعة.
تعتمد صناعة اللحاف بشكل أساسي على مادة الصوف وقماش الأطلس أو الخام، تبدأ أولى مراحله بتنظيف الصوف ونفشه، ثم يمد بارتفاع متساوٍ فوق القماش الأبيض الخام، ويوضع قماش الأطلس على سطحه، وتبدأ بعدها مرحلة الرسم على القماش بالإبرة والخيط.
ترسم “أم محمد” عدة رسومات هندسية وفنية كالحيوانات والطيور، حيث يظهر اللحاف كلوحة فنية جميلة.
قديماً، كانت العروس تجهز أغلب مفروشات بيتها من الصوف بما فيها المساند والفرش واللحاف، تقول “أم محمد”: إن تلك المهنة كانت مطلوبة بشكل كبير قبل 20 عاماً، وذلك بسبب استخدام الناس لها بشكل كبير دون وجود بديل عنها.
تطورت هذه الصناعة مع الزمن ودخلت صناعة اللحاف الديكرون أو القطن إلى جانب لحاف الصوف، ولاقت الصناعة الحديثة إقبالاً واسعاً من الناس، مما أدى إلى تراجع استخدامات المفروشات الصوفية بشكل كبير.